وساروا من حماة إلى حلب يوم خروجي من حماة إلى الديار المصرية، فأقاموا بحلب، ثم جردهم نائب حلب إلى عين تاب ثم إلى الكختا، ثم عادوا إلى حماة في أول شعبان بعد قدومي بقريب شهر.
وفيها مرض الأمير سيف الدين كستاي نائب السلطنة بطرابلس والقلاع في يوم الأربعاء تاسع عشر ربيع الآخر، الموافق لثامن أيلول، فولى السلطان موضعه الأمير شهاب الدين قرطاي أحد أمراء دمشق حينئذ.
وفيها في جمادى الآخرة، سار مهنا بن عيسى، وكان نازلاً بالقرب من عانة، إلى خربندا، واجتمع به بالقرب من قنغرلان، ثم عاد إلى بيوته.
وفيها في ثاني عيد الفطر الموافق لتاسع عشر كانون الأول، وقع بحماة والبلاد التي حواليها ثلوج عظيمة، ودامت أياماً، وبقي على الأرض ذراع، ودام على الأرض أياماً وانقطعت الطرق بسببه وكان ثلجاً لم أعهد مثله، وكان البرد والجليد شديداً عاماً في البلاد، حتى جلد الماء في الديار المصرية، ووقعت الثلوج باللاذقية والسواحل.
وفيها جهزت صحبة لاجين المشد، تقدمة لطيفة، ومملوكاً يسمى يلدز، إلى المواقف الشريفة، فوصل بذلك وقدمه فقبله وشملتني صدقات السلطان صحبة لاجين المذكور، بمسامحات ما علي بضائع أجهزها مع كافة التجار في جميع البلاد، وكذلك زادني على المعرة بجملة غلال بلادها، وضاعف علي صدقاته، وكان وصول لاجين بذلك إلى حماة بالسابع والعشرين من شوال من هذه السنة أعني سنة ست عشرة وسبعمائة.
وفيها قصد حميضة بن أبي نمي خربندا مستنصراً في إعادته إلى ملك مكة، ودفع أخيه رميثة فجرد خربندا مع حميضة الدرفندي، وهو النائب على البصرة، وجرد معه جماعة من التتر وعرب خفاجة.
وفيها في ذي القعدة خرجت المعرة عني، وسبب ذلك أن محمد بن عيسى طلبها ليحضر إلى الطاعة، فأجيب إلى ذلك؛ وتسلمها نواب المذكور، وكتب إلى السلطان بما طيب خاطري من جهتها.
وفيها بلغ السلطان أن حميضة قد جهزه خربندا بعسكره وخزانة، صحبة الدرفندي، ليملكه مكة، فجهز السلطان نائبه في السلطنة، وهو المقر الأشرف السيفي أرغون الدوادار، فحج وحج العسكر صحبته، وعادوا سالمين وأما حميضة والدرفندي، فكان من أمرهما ما سنذكره.
وفيها لما قدم عسكر مصر إلى مدينة الرسول، كان مقدمهم المقر السيفي أرغون، فحضر إليه منصور بن حماد الحسيني صاحب مدينة الرسول فطلع معه يودعه إلى عيون حمزة، فخلع نائب السلطنة على منصور المذكور، وعلى ولده كبش بن منصور، وأعادهما إلى المدينة، فلما حضر المحمل المصري وصحبته العسكر خرج إليهم منصور فقبضوا عليه، وأحضر معتقلاً إلى بين يدي السلطان إلى ديار مصر، فتصدق عليه السلطان وأفرج عنه، وأمره بالعود إلى بلده.
وفي هذه السنة أعني سنة ست عشرة وسبعمائة في السابع والعشرين من رمضان مات خربندا أرغون بن أبغا بن هولاكو بن طلو بن جنكزخان، وكان جلوسه في الملك في أواخر في الحجة سنة ثلاث وسبعمائة، ومات بالمدينة الجديدة التي سماها السلطانية، وكان اسم بقعتها قنغرلان، فلما مات خطب بالسلطنة لولده أبي سعيد بن خربندا، وكان عمره نحو عشر سنين، واستولى على الأمر جوبان ابن الملك ابن تناون.
[ذكر ما جرى لحميضة والدرفندي]
وكان خربندا قد جهز حميضة وجهز معه الدرفندي نائب السلطانة بالبصرة، وجهز معه عسكراً وخزانة، ليسير الدرفندي بالعسكر مع حميضه ويقاتل عسكر المسلمين الواصلين إلى الحج. ويملك حميضة بدل أخيه رميثة. فصار الدرفندي وحميضة ومن معهما من عسكر التتر والعرب، حتى جاوزوا البصرة، فبلغهم موت خربندا فتفرقت تلك الجموع، ولم يبق مع الدرفندي غير ثلاثمائة من التتر، وأربعمائة من عقيل عرب البصرة، وكان قد استولى على البصرة ابن السوايكي، فأرسل استوحى محمد بن عيسى على الدرفندي، فجمع محمد بن عيسى عربه عن خفاجة، وعرب إخوته وأولاد إخوته، وسار إلى الدرفندكط، فأحرز له بالقرب من البصرة واتقع معه، في العشر الأخير من ذي الحجة من هذه السنة، أعني سنة