للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صدقات السلطان بالديار المصرية في العشر الأول من ربيع الأول، فتصدق عليه السلطان وانعم عليه الإنعامات الجليلة، وأعرض عليه إمرية كبيرة وإقطاعاً جليلاً، فأبى أن يقبل ذلك، وأن يسلك ما ينبغي، واتفق أن الصلح قد انتظم بين السلطان وبين أبي سعيد، وكان أبو سعيد يكاتب ويطلب تمرتاش المذكور بحكم الصلح وما استقر عليه القواعد، فرأى السلطان من المصلحة إمساك تمرتاش المذكور، وانضم إلى ذلك ما بلغ السلطان عنده أنه أخذ أموال أهل بلاد الروم وظلمهم الظلم الفاحش، فأمسكه السلطان واعتقله في أواخر شعبان من هذه السنة، ثم حضر أباجي رسول أبي سعيد، فبالغ في طلب تمرتاش المذكور، فاقتضت المصلحة إعدامه، فأعدم تمرتاش المذكور في رابع شوال من هذه السنة بحضرة أباجي رسول أبي سعيد.

وفيها وصل أباجي رسول أبي سعيد وعبر على حماة في أواخر شعبان، وصحبته أرلان قرائب والدة السلطان وتوجه إلى الأبواب الشريفة بسبب تمرتاش، وكان من أمره ما شرح، وعاد أباجي رسول المذكور من الأبواب الشريفة، وعبر على حماة في التاسع عشر من شوال وتوجه إلى جهة أبي سعيد.

وفيها يوم الأحد تاسع عشر ذي القعدة توفي مملوكي أسنبغا، وكان قد بقي من أكبر أمراء عسكر حماة رحمه الله.

ثم دخلت سنة تسع وعشرين وسبعمائة وكانت غرة المحرم من هذه السنة، يوم الجمعة رابع تشرين الثاني، ولم يبلغني في أوائلها ما يليق أن يؤرخ والله أعلم.

[ذكر أخبار الصبي صاحب سيس]

في هذه السنة اشتد الصبي صاحب سيس، وهو ليفون بن أوشين، وكان الحاكم عليه صاحب الكرك - بكافين الأولى مفتوحة وبينهما راء مهملة ساكنة - وهي قليعة قريب البحر، في أطراف بلد سيس من جهة الغرب والشمال، وهي تتاخم بلاد ابن قرمان، وكان صاحب الكرك المذكور قد استولى على مملكة صاحب سيس، بحكم صغر الصبي المذكور، فلما كانت هذه السنة قوي الصبي وقتل صاحب الكرك وأخاه بعده، وأرسل رأس صاحب الكرك إلى السلطان فأرسل السلطان تشريفاً وسيفاً وفرساً بسرجه ولجامه، مع الأمير شهاب الدين أحمد المهمندار بالأبواب الشريفة، فتوجه شهاب الدين بذلك إلى الصبي صاحب سيس فلبى صاحب سيس الخلعة، وشذ السيف وقبل الأرض، وركب الفرس المتصدق به عليه، وقويت نفسه بذلك، وأوصل شهاب الدين المهمندار المذكور أنعاماً كثيراً وعماد شهاب الدين إلى الأبواب الشريفة، وعبر على حماة متوجهاً إلى الأبواب الشريفة يوم الخميس، ثاني عشر جمادى الآخرة.

وفي هذه السنة وصلني من صدقات السلطان من الحصن البرقية اثنان بالعدة الكاملة صحبة، علاء الدين أيدغي أمير أخور، لي ولابني محمد، وركبنا

<<  <  ج: ص:  >  >>