المعتضد بالله أبي العباس أحمد بن الموفق بالله أبي أحمد طلحة بن المتوكل جعفر بن المعتصم محمد بن هارون الرشيد، وكانت خلافته ست سنين وستة أشهر وتسعة عشر يوماً، وكان عمره ثلاثاً وثلاثين سنة، وكان ربعة جميلا، رقيق السمرة، حسن الوجه، والشعر، وافر اللحية، وأمه أم ولد تركية تدعى حجك، وطالت مرضته عدة شهور، ودفن في دار محمد بن طاهر.
خلافة المقتدر بالله
أبي الفضل جعفر بن المعتضد بالله
وأمه أم ولد يقال لها شعب، وهو ثامن عشرهم، بويع بالخلافة في اليوم الذي مات فيه المكتفي، وكان عمر المقتدر يوم بويع ثلاث عشرة سنة.
موت الترمذي وفيها في المحرم توفي أبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر الترمذي، الفقيه الشافعي المحدث، روى عن يحيى بن بدير المصري، ويوسف بن عدي، وكثيرين يحيى وغيرهم، وروى عنه أحمد بن كامل الشافعي وغيره، وكان مولد الترمذي المذكور، سنة مائتين، وقيل ست عشرة ومائتين.
ثم دخلت سنة ست وتسعين ومائتين.
خلع المقتدر ومبايعة ابن المعتز في هذه السنة خلع القواد والقضاة المقتدر، وبايعوا عبد الله بن المعتز، ولقبوه الراضي بالله، وجرت بين غلمان الدار المريدين للمقتدر، وبين المريدين لابن المعتز، حروب، وآخر ذلك أن عبد الله بن المعتز انهزم واختفى وتفرق أصحابه، ثم أمسك عبد الله بن المعتز، وحبس ليلتين، وقتل خنقاً، وأظهروا أنه مات حتف أنفه، وأخرجوه إلى أهله، وكان مولد عبد الله بن المعتز لسبع بقين من شعبان، سنة سبع وأربعين ومائتين، وكان فاضلا شاعراً، وتشبيهاته وأشعاره مشهورة، وأخذ العلم عن المبرد، وثعلب، وتولى الخلافة يوماً واحداً، وقال حين تولى: قد آن للحق أن يتضح، وللباطل أن يفتضح، له الكلام البديع فمن ذلك قوله: أنفاس الحمى خطاه إلى أجله، ربما أورد الطمع ولم يصدر، يشفيك من الحاسد أنه يغتم وقت سرورك. وكان عبد الله بن المعتز آمناً في سربه، منعكفاً على طلب العلم والشعر، قد اشتهر عند الخلفاء أنه لم يؤهل نفسه للخلافة، فكان مستريحاً، إِلى أن حمله على تولي الخلافة القوم الذين خذلوه بعد بيعته، وقد رثاه علي بن محمد بن بسام فقال:
لله درك من ملك بمضيعة ... ناهيك في العلم والآداب والحسب
ما فيه لولا ولا ليت قتنقصه ... وإنما أدركته حرفة الأدب
وقد روى عنه أنه كان يقول: إِنْ ولاني الله لأفنين جميع بني أبي طالب، فبلغ ذلك ولد علي فكانوا يدعون عليه.