ساروا إلى جهة المجمع، وكان سلار والجاشنكير هما المتغلبان على المملكة، فداخل الأمراء الطمع، ولم يكملوا عدة جندهم، فنقص العسكر كثيراً مع سوء التدبير، ونحو ذلك من الأمور الفاسدة التي أوجبت هزيمة العسكر، ثم ساروا والتقوا عند العصر من نهار الأربعاء، السابع والعشرين من ربيع الأول من هذه السنة، الموافق للثالث والعشرين من كانون الأول من شهور الروم، بالقرب من مجمع المروج في شرقي حمص، على نحو نصف مرحلة من حمص، فولت ميمنة المسلمين، ثم الميسرة، وثبت القلب، واحتاطت به التتر وجرى بينهم قتال عظيم، وتأخر السلطان إلى جهة حمص حتى أدركه الليل، فولت العساكر الإسلامية تبتدر الطريق، وتمت بهم الهزيمة إلى ديار مصر المحروسة، وتبعهم التتر واستولوا على دمشق، وساقوا في إثر الجفال إلى غزة والقدس وبلاد الكرك، وكسبوا وغنموا من المسلمين الجفال شيئاً عظيمة.
[ذكر المتجددات بعد الكسرة]
وكان قبجق وبكتمر السلحدار والبكي مع قازان، من حين هربوا من حمص على ما قدمنا ذكره في سنة سبع وتسعين وستمائة، فلما استولى قازان على دمشق، أخذ سيف الدين قبجق الأمان لأهل دمشق ولغيرهم، من قازان ملك التتر، واستولى قازان على مدينة دمشق، وعصت عليه القلعة، وأمر بحصارها، فحوصرت، وكان النائب بها الأمير سيف الدين أرحواش المنصوري، فقام في حفظها أتم قيام، وصبر على الحصار ولم يسلمها، وأحرق الدور التي حوالي القلعة والمدارس، فاحترقت دار السعادة التي كانت مقر نواب السلطنة، وكذلك احترق غيرها من الأماكن الجليلة، وأما عسكر مصر فإنهم لما وصلوا إلى مصر، رسم لهم بالنفقة، فأنفق فيهم أموال جليلة، وأصلحوا أحوالهم، وجددوا عدتهم وخيولهم، وأقام قازان بمرج دمشق المعروف بمرج الزنبقة، ثم عاد إلى بلاده الشرقية، وقرر في دمشق قبجق، وجرد صحبته عدة من المغل.
فلما بلغ العساكر المصرية مسير قازان عن الشام، خرجوا من مصر في العشر الأول من شهر رجب من هذه السنة، وخرج السلطان إلى الصالحية، ثم اتفق الحال على مقام السلطان بالديار المصرية، ومسير سلار، وبيبرس الجاشنكير بالعساكر إلى الشام، فسار المذكوران بالعساكر، وكان قبجق وبكتمر السلحدار، والألبكي، قد كاتبوا المسلمين في الباطن وصاروا معهم، فلما خرجت العساكر من مصر، هرب قبجق ومن معه من دمشق وفارقوا التتر، وساروا إلى جهة ديار مصر، وبلغ ذلك التتر المجردين بدمشق، فخافوا وساروا من وقتهم إلى البلاد الشرقية، وخلا الشام منهم، ووصل قبجق والألبكي وبكتمر السلحدار إلى الأبواب السلطانية، فأحسن إليهم سلطان، ووصل سلار وبيبرس الجاشنكير إلى دمشق، وقررا أمور الشام، ورتبا في