للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هزيمة نور الدين بن جوسلين ثم أسر جوسلين كان جوسلين من أعظم فرسان الفرنج، قد جمع بين الشجاعة وجودة الرأي، وكان نور الدين قد عزم على قصد بلاده، فجمع جوسلين الفرنج، فأكثر، وسار نحو نور الدين، والتقوا، فانهزم المسلمون، وقتل وأسر منهم جمع كثير، وكان من جملة من أسر، السلاح دار، ومعه سلاح نور الدين، فأرسله جوسلين إلى مسعود بن قليج أرسلان، صاحب قونية، وأقسرا، وقال: هذا سلاح زوج ابنتك، وسآتيك بعده بما هو أعظم منه، فعظم ذلك على نور الدين، وهجر الملاذ، وفكر في أمر جوسلين، وجمع التركمان وبذل لهم الوعود إن ظفروا به، إما بإمساك أو بقتل، فاتفق أن جوسلين طلع إلى الصيد، فكبسه التركمان وأمسكوه، فبذل لهم مالاً فأجابوه إلى إطلاقه، فسار بعض التركمان وأعلم أبا بكر ابن الداية نائب نور الدين بحلب، فأرسل عسكراً كبسوا التركمان الذين عندهم جوسلين، وأحضروه إلى نور الدين أسيراً. وكان أسر جوسلين من أعظم الفتوح، وأصيبت النصرانية كافة بأسره، ولما أسر سار نور الدين إلى بلاد جوسلين وقلاعه، فملكها، وهي تل باشر، وعين تاب، وذلوك، وعزاز، وتل خالد، وقورس، والرواندان، وبرج الرصاص، وحصن الباره، وكفر سود، وكفر لاثا، ومرعش، ونهر الجوز، وغير ذلك. في مدة يسيرة. وكان نور الدين كلما فتح منه موضعاً حصنه بما يحتاج إليه من الرجال والذخائر.

ثم دخلت سنة سبع وأربعين وخمسمائة من الكامل في هذه السنة سار عبد المؤمن بن علي إلى بجاية وملكها، وملك جميع ممالك بني حماد، وأخذها من صاحبها يحيى بن العزيز بن حماد، آخر ملوك بني حماد، وكان يحيى المذكور مولعاً بالصيد واللهو، لا ينظر في شيء من أمور مملكته، ولما هزم عبد المؤمن عسكر يحيى، هرب يحيى وتحصن بقلعة قسطنطينية من بلاد بجاية، ثم نزل يحيى إلى عبد المؤمن بالأمان فأمنه، وأرسله إلى بلاد المغرب، وأقام بها، وأجرى عبد المؤمن عليه شيئاً كثيراً. وقد ذكر في تاريخ القيروان: أن مسير عبد المؤمن وملكة تونس وإفريقية إنما كان في سنة أربع وخمسين وخمسمائة.

وفاة السلطان مسعود

[بن محمد بن ملكشاه وملك ملكشاه ومحمد، ابني محمود:]

وفي هذه السنة، وقيل في أواخر سنة ست وأربعين، في أول رجب، توفي السلطان مسعود بن محمد بن ملكشاه بهمدان، ومولده سنة اثنتين وخمسمائة، في ذي القعدة، ومات معه سعادة البيت السلجوقي، فلم يقم لهم بعده راية يعتد بها، وكان حسن الأخلاق، كثير المزاح والانبساط مع الناس، كريماً، عفيفاً عن أموال الرعايا.

ولما مات عهد بالملك

<<  <  ج: ص:  >  >>