للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألب أرسلان بن محمود ابن السلطان محمد السلجوقي، فركب في يوم قتل زنكي، واجتمعت عليه العساكر، فحسن له بعض أصحاب زنكي الأكل والشرب وسماع المغاني، فسار ألب أرسلان إلى الرقة وأقام بها منعكفاً على ذلك وأرسل كبراء دولة زنكي إلى ولده سيف الدين غازي بن زنكي يعلمونه بالحال وهو بشهرزور، فسار إلى الموصل واستقر في ملكها وأما ألب أرسلان فتفرقت عنه العساكر، وسار إلى الموصل يريد ملكها، فلما وصلها قبض عليه غازي بن زنكي وحبسه في قلعة الموصل، واستقر ملك سيف الدين غازي للموصل وغيرها.

[ذكر غير ذلك من الحوادث]

في هذه السنة أرسل عبد المؤمن بن علي جيشاً إلى جزيرة الأندلس، فملكوا ما فيها من بلاد الإسلام واستولوا عليها.

وفيها بعد قتل عماد الدين زنكي، قصد صاحب دمشق مجير الدين أبق حصن بعلبك وحصره، وكان به نجم الدين أيوب بن شاذي، مستحفظاً، فخاف أن أولاد زنكي لا يمكنهم إنجاده بالعاجل، فصالحه وسلم القلعة إليه، وأخذ منه قطاعاً وملكه عدة قرى من بلاد دمشق، وانتقل أيوب إلى دمشق وسكنها وأقام بها.

ثم دخلت سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة في هذه السنة دخل نور الدين محمود بن زنكي صاحب حلب بلاد الفرنج، ففتح منها مدينة أرتاح بالسف، وحصر مامولة وبصر فوت وكفر لاثا.

ثم دخلت سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة.

ملك الفرنج المهدية بإفريقية

[وحال مملكة بني باديس]

كان قد حصل بإفريقية غلاء شديد حتى أكل الناس بعضهم بعضاً، ودام من سنة سبع وثلاثين وخمسمائة إلى هذه السنة، ففارق الناس القرى ودخل أكثرهم إلى جزيرة صقلية. فاغتنم رجار الفرنجي صاحب صقلية هذه الفرصة، وجهز أسطولاً نحو مائتين وخمسين شينياً مملوءة رجالاً وسلاحاً، واسم مقدمهم جرج، وساروا من صقلية إلى جزيرة قوصرة وهي ما بين المهدية وصقلية، وساروا منها وأشرفوا على المهدية ثاني صفر من هذه السنة. وكان في المهدية الحسن بن علي بن يحيى بن تميم بن المعز بن باديس الصنهاجي صاحب إفريقية. فجمع كبراء البلد واستشارهم، فرأوا ضعف حالهم وقلة المؤنة عندهم، فاتفق رأي الأمير حسن ابن علي على إخلاء المهدية، فخرج منها وأخذ معه ما خف حمله، وخرج أهل المهدية على وجوههم بأهليهم وأولادهم، وبقي الأسطول في البحر تمنعه الريح من الوصول إلى المهدية.

ثم دخلوا المهدية بعد مضي ثلثي النهار المذكور بغير ممانع ولا مدافع، ولم يكن قد بقي من المسلمين بالمهدية ممن عزم على الخروج أحد، ودخل جرج مقدم الفرنج إلى قصر الأمير حسن بن علي، فوجده على حاله لم يعدم منه إلا ما خف حمله، ووجد فيه جماعة من حظايا الحسن بن علي، ووجد الخزائن مملوءة من الذخائر النفيسة من كل شيء

<<  <  ج: ص:  >  >>