صلى الله عليه وسلم نفسه على القبائل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على القبائل في مواسم الحج، ويدعوهم إِلى الله، فيقول:" يا بني فلان إِني رسول الله إِليكم، يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وأن تخلعوا ما يعبد من دونه، وأن تؤمنوا بي وتصدقوني ".
وعمه أبو لهب ينادي إِنما يدعوكم إِلى أن تسلخوا اللات والعزى من أعناقكم، إلى ما جاء به من البدعة والضلالة، فلا تطيعوه، وكان أبو لهب أحول له غديرتان.
ابتداء أمر الأنصار
رضي الله عنهم
ولما أراد الله تعالى إِظهار أمر دينه، وإعزاز نبيه، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في موسم يعرض نفسه على القبائل كما كان يصنع، فبينما هو عند العقبة، إِذ لقي نفراً من الخزرج، من أهل مدينة يثرب، وأهلها قبيلتان، الأوس والخزرج، يجمعهم أب واحد، وهم يمانيون، وبين القبيلتين حروب، وهم حلف قبيلتين من اليهود يقال لهما قريظة والنضير من نسل هارون بن عمران، فعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام عليهم، وتلى عليهم القرآن، وكانوا ستة رجال فآمنوا به وصدقوه ثم انصرفوا إِلى يثرب، وذكروا ذلك لقومهم ودعوهم إِلى الإسلام، حتى فشا فيهم فلم تبق دار إلا وفيها ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
بيعة العقبة الأولى ولما كان العام المقبل، وافى الموسم اثنا عشر رجلاً من الأنصار، فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة النساء، وذلك قبل أن يفرض عليهم الحرب، وبيعة النساء هي المبايعة على أن لا يشركوا بالله شيئاً، ولا يسرقوا، ولا يزنوا، ولا يقتلوا أولادهم، فبعث معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار ليعلمهم شرائع الإسلام والقرآن. ولما قدم مصعب المدينة، دخل به أسعد بن زرارة وهو أحد الستة الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العقبة حائطاً من حوائطم بني ظفر، وكان سعد ابن معاذ سيد الأوس، ابن خالة أسعد بن زرارة، وكان أسيد بن حصين أيضاً سيداً، فأخذ أسيد بن حصين حربته ووقف على مصعب وأسعد، وقال: ما جاء بكما تسفهان ضعفاءنا اعتزلا إِنْ كان لكما بأنفسكما حاجة، فقال له مصعب: أو تجلس فتسمع، فجلس أسيد وأسمعه مصعب القرآن، وعرّفه الإسلام، فقال سيد: ما أحسن هذا، كيف تصنعون إِذا أردتم الدخول في هذا الدين، فعلمه مصعب، فأسلم وقال: ورائي رجل إِن اتبعكما، لم يتخلف عنه أحد، وسأرسله إِليكما، يعني سعد بن معاذ، ثم أخذ أسيد حربته