على وزارة علي بن عيسى، فامتنع، فولوا الوزارة أخاه عبد الرحمن بن عيسى، ثم قبض عليه، وولوا الوزارة أبا جعفر محمد بن قاسم الكرخي. وفي هذه السنة قطع ابن رائق حمل واسط والبصرة، وقطع البديدي حمل الأهواز وأعمالها، فضاقت أموال بغداد، وعجز أبو جعفر الوزير فعزلوه، وكانت ولايته ثلاثة أشهر ونصف، واستوزر سليمان بن الحسن، ودام الحال على توقفه، فراسل الخليفة محمد بن رائق وهو بواسط يستقدمه ليقوم بالأمور وقلده إمارة الجيش، وأمر أن يخطب له على المنابر، وقدم ابن رائق بغداد في أواخر ذي الحجة من هذه السنة، وكان ابن رائق قد أمسك ساجية قبل دخوله إلى بغداد، فاستوحشت الحجرية منه، ومن حين دخل ابن رائق بطلت الوزارة من بغداد، وبقي ابن رائق هو الناظر في الأمور جميعها، وتغلب عمال الأطراف عليها، ولم يبق للخليفة غير بغداد وأعمالها، والحكم فيها لابن رائق، وليس للخليفة فيها حكم، وأما باقي الأطراف فكانت البصرة في يد ابن رائق المذكور.
وخورستان في يد البريدي. وفارس في يد عماد الدولة ابن بويه. وكرمان في يد أبي علي محمد بن إلياس. والري وأصفهان والجبل في يد ركن الدولة ابن بويه ويد وشمكير ابن زيار أخي مرداويج، يتنازعان عليها. والموصل وديار بكر ومضر وربيعة في يد بني حمدان. ومصر والشام في يد الأخشيد محمد بن طغج والمغرب وإفريقية في يد القائم العلوي ابن المهدي. والأندلس في يد عبد الرحمن بن محمد الأموي الملقب بالناصر. وخراسان وما وراء النهر في يد نصر بن أحمد بن سامان الساماني. وطبرستان وجرجان في يد الديلم. والبحرين واليمامة في يد أبي طاهر القرمطي.
غير ذلك من الحوادث في هذه السنة، استقدم محمد بن رائق الفضل بن جعفر بن الفرات، وكان على خراج مصر والشام، فقدم بغداد وتولى الوزارة لابن رائق والخليفة. وفي هذه السنة قلد الخليفة محمد بن طغج مصر وأعمالها، مضافاً إِلى ما بيده من الشام بعد عزل أحمد بن كيغلغ عن مصر. وفي هذه السنة ولد عضد الدولة أبو شجاع فناخسرو ابن ركن الدولة الحسن بن بويه بأصفهان. وفيها توفي جحظة البرمكي من ولد يحيى بن خالد بن برمك، وكان عارفاً بفنون شتى من العلوم. وفيها توفي عبد الله ابن أحمد بن محمد بن المفلس الفقيه الظاهري، صاحب التصانيف المشهورة، وعبد الله بن محمد الفقيه الشافعي النيسابوري، ومولده سنة ثمان وثلاثين ومائتين، وكان قد جالس الربيع والمزني ويونس، أصحاب الشافعي، وكان إماماً.
ثم دخلت سنة خمس وعشرين وثلاثمائة في هذه السنة، أشار محمد بن رائق على الراضي بالمسير معه إِلى واسط، لحرب ابن البريدي، فأجابه، وسار الراضي إِلى واسط،