بعد مضي أربعين سنة لعمارة بيت المقدس. أقول: فيكون وفاة العزير سنة ثلاثين ومائة لابتداء ولاية بخت نصر، واسم العزير بالعبرانية عزرا وهو من ولد فتحاس بن العزر بن هارون بن عمران.
ومن كتب اليهود: إن الذي تولى رئاسة بني إسرائيل ببيت المقدس بعد العزير شمعون الصديق وهو أيضاً من نسل هارون.
من كتاب أبي عيسى إن بني إسرائيل لما تراجعوا إلى القدر بعد عمارته. صار لهم حكام منهم، وكانوا تحت حكم ملوك الفرس، واستمروا كذلك حتى ظهر الإسكندر في سنة أربع مائة وخمس وثلاثين لولاية بخت نصر. وغلبت اليونان على الفرس، ودخلت حينئذ بنو إسرائيل تحت حكم اليونان، وأمام اليونان من بني إسرائيل ولاة عليهم، وكان يقال للمتولي عليهم هرذوس، وقيل هيروذس، واستمر بنو إسرائيل على ذلك حتى خرب بيت المقدس الخراب الثاني، وتشتت منه بنو إسرائيل على ما سنذكره إن شاء الله تعالى ولنرجع إلى ذكر من كان من الأنبياء في أيام بني إسرائيل.
ذكر يونس بن متى
[عليه السلام]
ومتى أم يونس عليه السلام، ولم يشتهر نبي بأمه غير عيسى ويونس عليهما السلام. كذا ذكره ابن الأثير في الكامل في ترجمة يونس المذكور، وقد قيل إنه من بني إسرائيل، وإنه من سبط بنيامين، وقيل إن يونس المذكور كانت بعثته بعد يوثم ابن عزياهو أحد ملوك بني إسرائيل المقدم الذكر، وكانت وفاة يوثم في سنة خمس عشرة وثمانمائة لوفاة موسى عليه السلام.
وبعث الله تعالى يونس المذكور في تلك المدة إلى أهل نينوى وهي قبالة الموصل، بينهما دجلة - وكانوا يعبدون الأصنام، فنهاهم وأوعدهم العذاب في يوم معلوم إن لم يتوبوا، وضمن ذلك عن ربه عز وجل.
فلما أظلهم العذاب آمنوا، فكشفه الله عنهم، وجاء يونس لذلك اليوم، ولم ير العذاب حل، ولا علم بإيمانهم، فذهب مغاضباً. قال ابن سعيد المغربي: ودخل في سفينة من سفن دجلة، فوقفت السفينة، ولم تتحرك، فقال رئيسها: فيكم من له ذنب؟ وتساهموا على من يلقونه في البحر، ووقعت المساهمة على يونس، فرموه، فالتقمه الحوت، وسار به إلى الأبلة، وكان من شأنه ما أخبر الله تعالى به في كتابه العزيز.
[ذكر إرميا]
[عليه السلام]
قد تقدم عند ذكر صدقيا أن إرميا كان في أيامه، وبقي إرميا يأمر بني إسرائيل بالتوبة، ويتهددهم ببخت نصر، وهم لا يلتفتون إليه.
فلما رأى أنهم لا يرجعون عما هم فيه، فارقهم إرميا واختفى حتى غزاهم بخت نصر وخرب القدس حسبما تقدم ذكره.
من تاريخ ابن سعيد المغربي: إن الله تعالى أوحى إلى إرميا إني عامر بيت المقدس، فاخرج إليها، فخرج إرميا وقدم إلى القدس، وهي خراب، فقال في نفسه: سبحان الله، أمرني الله أن أنزل هذه البلدة، وأخبرني أنه عامرها فمتى يعمره؟ ومتى يحييها الله بعد موتها؟ ثم وضع رأسة فنام، ومعه حماره وسلة فيها طعام.
وكان من قصته ما أخبر الله تعالى به في محكم كتابه العزيز في