وأرسل صاحب حماة هدية تليق الخانقاه المذكورة مثل كتب وبسط وغير ذلك.
[ذكر إرسال السلطان العسكر إلى اليمن]
وفيها بلغ السلطان اضطراب حال اليمن وفساد أحوال الرعية، فأرسل إليهما جيشاً، وقدم على الجيش الأمير ركن الدين بيبرس، الذي كان أمير أخور، ثم أمير حاجب، والأمير سيف الدين طينال الجاجب حينئذ، وكان توجه العسكر المذكور من الديار المصرية، في شهر ربيع الأول من هذه السنة، ووصلوا إلى اليمن وخرج إليهم الملك المجاهد ابن الملك المؤيد صاحب اليمن، وهو إذ ذاك شاب جاهل ليس له معرفة بما يجب عليه، فقصر في حق العسكر، ثم إنه لتقصيره في حقهم، استوحش منهم، ودخل قلعة تعز وعصى بها، ولم يكن مع العسكر مرسوم بملك اليمن، بل بمساعدة المذكور وتقرير أمر ولايته، ووجدوا في طريقهم مشقة عظيمة من العطش والجوع، ووصلوا إلى مصر في شوال من هذه السنة، فلم يعجب السلطان ما صدر منهم، وأنكر عليهم، واعتقل المقدم بيبرس المذكور.
وفي هذه السنة أحضر علاء الدين الطبنغا بحلب إلى حماة متوجهاً إلى خدمة السلطان، وتوجه من حماة ثالث في القعدة من هذه السنة، الموافق لثاني عشر تشرين الأول، ثم عاد وعبر على حماة وتوجه إلى حلب، تاسع وعشرين ذي القعدة المذكورة.
ثم دخلت سنة ست وعشرين وسبعمائة أوكان أول محرم يوم الأحد وهو الموافق لثامن كانون الأول. وفيها في منصف ربيع الآخر، الموافق لحادي وعشرين آذار، خرجت بعسكر حماة ووصلت إلى القناة الواصلة من سلمية إلى حماة، وقسمتها على الأمراء والعسكر لينظفوها، فإنها كانت قد آلت إلى التلف؛ بسبب ما اجتمع فيها من الطين، فحرروها في نحو أسبوع؛ ثم عدت إلى حماة.
وفيها وصل الأمير سيف الدين أتامش متوجهاً رسولاً إلى أبي سعيد وجوبان وكان صحبته تقدمة جليلة للمذكورين وكان عبوره على حماة، وتوجهه إلى البلاد الشرقية منها في سادس جمادى الأولى وتاسع أيار.
وفيها في أوائل جمادى الآخرة عزل السلطان الأمير شهاب الدين قرطاي من نيابة السلطنة بالسواحل، وولى مكانه الأمير سيف الدين طينال الحاجب، وكان وصول طينال إلى تلك الجهة في سادس وعشرين الشهر المذكور.
وفيها يوم الاثنين سادس عشر جمادى الآخرة، وتاسع عشر أيار، وكانت وفاة مملوكي طيدمر، وكان المذكور قد صار أميراً كبيراً عندي، وكان مريضاً بالسل مدة طويلة، وجرى علي لفقده أمر عظيم، رحمه الله تعالى.
وفيها وصل رسول جوبان وصحبته طاي بضا، قرابة السلطان وكان عبوره على حماة في منتصف جمادى الآخرة.
وفيها في ثامن عشر شعبان، عاد سيف الدين من الأردو، وعبر على حماة وتوجه إلى الأبواب الشريفة.