قرا أرسلان بن داود حتى توفي في سنة اثنتين وستين وخمسمائة على ما سنذكره إن شاء الله تعالى.
[ذكر غير ذلك:]
وفي هذه السنة اجتمعت الحجاج من الهند وما وراء النهر وخراسان وغيرها، وساروا فلما وصلوا جوار الري، أتاهم الباطنية وقت السحر، فوضعوا فيهم السيف وقتلوهم، ونهبوا أموالهم ودوابهم، وفيها كانت وقعة بين فرنج أنطاكية والملك رضوان بن تنش صاحب حلب، عند شيزر، فانهزم المسلمون وأسر وقتل منهم كثير، واستولى الفرنج على أرتاح. وفيها توفي محمد بن علي بن الحسن المعروف بابن أبي الصقر، كان فقيهاً شافعياً، وتفقه على أبي إسحاق الشيرازي وغلب عليه الشعر فاشتهر به، فمن قوله لما كبر.
ابن أبي الصقر افتكر ... وقال في حال الكبر
والله لولا بولة ... تحرقني وقت السحر
لما ذكرت أن لي ... ما بين فخذي ذكر
وكانت ولادته في نحو سنة سبع وأربعمائة.
ثم دخلت سنة تسع وتسعين وأربعمائة في هذه السنة سار سيف الدولة صدقة بن مزيد من الحلة إلى البصرة فملكها.
ذكر اتصال ابن ملاعب بملك أفامية
[واستيلاء الفرنج عليها:]
كان خلف بن ملاعب الكلابي صاحب حمص، وكان رجاله وأصحابه يقطعون الطريق على الناس، فكان الضرر بهم عظيماً، فسار صاحب دمشق تنش بن ألب أرسلان إليه، وأخذ حمص منه، كما تقدم ذكره في سنة خمس وثمانين وأربعمائة ثم تقلبت بخلف بن ملاعب المذكور الأحوال، إلى أن دخل مصر وأقام بها، واتفق أن متولي أفامية من جهة رضوان بن تنش صاحب حلب، كان يميل إلى مذهب خلفاء مصر، فكاتبهم في الباطن في أن يرسلوا من يسلم إليه أفامية وقلعتها، فطلب ابن ملاعب أن يكون هو الذي يرسلونه لتسليم أفامية فأرسلوه، وتسلم أفامية وقلعتها، فلما استقر خلف بن ملاعب الكلابي المذكور بأفامية، خلع طاعة المصريين ولم يرع حقهم، وأقام بأفامية يقطع الطريق ويخيف السبيل، فاتفق قاضي أفامية وجماعة من أهلها وكاتبوا الملك رضوان صاحب حلب؛ في أن يرسل إليهم جماعة ليكبسوا أفامية بالليل، وأنهم يسلمونها إليهم، فأرسل رضوان مائة، فأصعدهم القاضي والمتفقون معه بالحبال إلى القلعة، فقتلوا ابن ملاعب وبعض أولاده، وهرب البعض، واستولوا على قلعة أفامية، ثم سار الفرنج إلى أفامية وحاصروها وملكوا البلد والقلعة وقتلوا القاضي المتغلب عليها.
ذكر حال طرابلس مع الفرنج كان صنجيل قد ملك مدينة جبلة، ثم سار وأقام على طرابلس، فحصرها وبنى بالقرب منها