وفي هذه السنة استولى بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل على سنجار، وأخذها من الملك الجواد يونس بن مودود ابن الملك العادل.
ذكر خروج الملك الصالح أيوب من الاعتقال
والقبض على أخيه الملك العادل صاحب مصر، وملك الملك الصالح أيوب ديار مصر:
وفي هذه السنة في أواخر رمضان، أفرج الملك الناصر داود صاحب الكرك عن ابن عمه الملك الصالح أيوب، واجتمعت عليه مماليكه، وكاتبه إليها زهير، وسار الناصر داود وصحبته الصالح أيوب إلى قبة الصخرة، وتحالفا بها، على أن تكون ديار مصر للصالح، ودمشق والبلاد الشرقية للناصر داود، ولما تملك الصالح أيوب، لم يف للناصر بذلك، وكان يتأول في يمينه أنه كان مكرهاً، ثم سار إلى غزة، فلما بلغ العادل صاحب مصر ظهور أمر أخيه الصالح، عظم عليه. وعلى والدته ذلك، وبرز بعسكر مصر ونزل على بلبيس لقصد الناصر داود، والصالح أخيه، وأرسل إلى عمه الصالح إسماعيل المستولي على دمشق أن يبرز ويقصدهما من جهة الشام، وأن يستأصلهما. فسار الصالح إسماعيل بعساكر دمشق ونزل الفوار، فبينما الناصر داود والصالح أيوب في هذه الشدة، وهما بين عسكرين، قد أحاط بهما، إذ ركبت جماعة من المماليك الأشرفية ومقدمهم أيبك الأسمر، وأحاطوا بدهليز الملك العادل أبي بكر ابن الملك الكامل، وقبضوا عليه، وجعلوه في خيمة صغيرة، وعليه من يحفظه، وأرسلوا إلى الملك الصالح أيوب يستدعونه، فأتاه فرج لم يسمع بمثله.
وسار الملك الصالح أيوب، والملك الناصر داود إلى مصر، وبقي في كل يوم يلتقي الملك الصالح فوج بعد فوج من الأمراء والعسكر، وكان القبض على الملك العادل ليلة الجمعة، ثامن ذي القعدة من هذه السنة، فكانت مدة ملكه نحو سنتين، ودخل الملك الصالح أيوب إلى قلعة الجبل بكرة الأحد، لست بقين من الشهر المذكور، وزينت له البلاد، وفرح الناس بمقدمه، وحصل للملك المظفر صاحب حماة من السرور والفرح بملك الملك الصالح بمصر، ما لا يمكن شرحه، فإنه مازال على ولائه، حتى أنه لما أمسك بالكرك، كان يخطب له بحماة وبلادها، ولما استقر الملك الصالح أيوب في ملك مصر، وصحبته الناصر داود، حصل عند كل واحد منهما إشعار من صاحبه، وخاف الناصر داود أن يقبض عليه، فطلب دستوراً وتوجه إلى بلاده، الكرك وغيرها.
ذكر وفاة صاحب ماردين في هذه السنة وقيل في سنة ست وثلاثين، توفي ناصر الدين أرتق أرسلان بن أيلغازي