وفيها في شعبان توفي الشيخ عز الدين علي بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني المعروف بابن الأثير الجزري، ولد بجزيرة ابن عمر في رابع جمادى الأولى سنة خمس وخمسين وخمسمائة، ونشأ بها ثم صار إلى الموصل مع والده وإخوته، وسمع بها من أبي الفضل عبد الله بن أحمد الخطيب الطوسي، ومن في طبقته، وقدم بغداد مراراً، حاجاً ورسولاً من صاحب الموصل، وسمع من الشيخين يعيش بن صدقة، وعبد الوهاب بن علي الصوفي، وغيرهما، ثم رحل إلى الشام والقدس وسمع هناك من جماعة، ثم عاد إلى الموصل وانقطع في بيته للتوفير على العلم، وكان إماماً في علم الحديث، وحافظاً للتواريخ المتقدمة والمتأخرة، وخبيراً بأنساب العرب وأخبارهم، وصنف في التاريخ كتاباً كبيراً سماه الكامل، وهو المنقول منه غالب هذا المختصر، ابتدأ فيه من أول الزمان إلى سنة ثمان وعشرين وستمائة، وله كتاب أخبار الصحابة في ست مجلدات، واختصر كتاب الأنساب للسمعاني، وهو الموجود في أيدي الناس، دون كتاب السمعاني، وورث إلى حلب في سنة ست وعشرين وستمائة، ثم سافر ونزل عند الطواشي طغريل الأتابك بحلب، فأكرمه، إكراماً زائداً، ثم سافر إلى دمشق سنة سبع وعشرين، ثم عاد إلى حلب في سنة ثمان وعشرين، ثم توجه إلى الموصل فتوفي بها في التاريخ المذكور، ونسبة الجزيرة إلى ابن عمر، وهو رجل من أهل برقعيد من أعمال الموصل، اسمه عبد العزيز بن عمر، بنى هذه المدينة فأضيفت إليه.
ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين وستمائة في هذه السنة في المحرم توفي شهاب الدين طغريل الأتابك بحلب.
مسير السلطان الملك الكامل من مصر إلى قتال كيقباذ
[ملك بلاد الروم:]
في هذه السنة وقع من كيقباذ بن كيخسرو ملك بلاد الروم، التعرض إلى بلاد خلاط، فرحل الملك الكامل بعساكره من مصر، واجتمعت عليه الملوك من أهل بيته، ونزل شمالي سلمية في شهر رمضان من هذه السنة، ثم سار بجموعه ونزل على النهر الأزرق في حدود بلد الروم، وقد ضرب في عسكره ستة عشر دهليزاً، لستة عشر ملكاً في خدمته، منهم إخوته الملك الأشرف موسى صاحب دمشق، والملك المظفر غازي صاحب ميافارقين، والملك الحافظ أرسلان شاه صاحب قلعة جعبر، والصالح إسماعيل أولاد الملك العادل، والملك المعظم توران شاه ابن السلطان صلاح الدين، كان قد أرسله ابن أخيه الملك العزيز صاحب حلب مقدماً على عسكر حلب، إلى خدمة السلطان الملك الكامل، والملك الزاهر صاحب البيرة، داود ابن السلطان صلاح الدين، وأخوه الملك الأفضل موسى صاحب صميصات، ابن السلطان صلاح الدين، وكان قد ملكها بعد أخيه الملك الأفضل علي، والملك المظفر محمود صاحب حماة، ابن