الناصر قليج أرسلان بن محمد، ثم صارت لأخيه الملك المظفر محمود بن محمد، ثم صارت لولده الملك المنصور محمد بن محمود، ثم صارت لولده الملك المظفر محمود، ثم خرجت عنهم فتولى فيها قراسنقر زين الدين كتبغا، ثم سيف الدين قبجق، ثم سيف الدين أسندمر، ثم صارت لمؤلف هذا الكتاب، إسماعيل بن علي بن محمود بن محمد بن عمر بن شاهنشاه بن أيوب.
ولنرجع إلى بقية حوادث هذه السنة، أعني سنة عشر وسبعمائة. ولما قاربت حماة ونزلت الرستن، ألبسني الأمير سيف الدين قجليس التشريف السلطاني، وهو أطلس أحمر بطراز زركش فوقاني، وتحته أطلس أصفر، وكلوته زركش وشاش رقم، ومنطقة ذهب مصري، وسيف محلى بذهب مصري، وأركبني حصاناً برقياً بسرجه ولجامه، ودخلت حماة بذلك، وقرئ التقليد الشريف بحضور الناس، وأعطيت الأمير سيف الدين المذكور أربعين ألف درهم، وأوصلته بالخلع والخيول، وتوجه من حماة في يوم الأحد التاسع والعشرين من جمادى الآخرة من هذه السنة، واتفق لي شيء عجيب، وهو أن مولدي بدمشق في جمادى، ووصلني تقليد حماة بدمشق في جمادى، وأقمت بحماة، وحصلت التقدمة على جاري عادة أهلي، وأرسلت سألت من صدقات السلطان دستوراً بالتوجه إلى الأبواب الشريفة، فرسم لي بذلك، فخرجت من حماة في مستهل شوال من شهور هذه السنة، ودخلت مصر وحضرت بين يدي المواقف الشريفة يوم الثلاثاء مستهل ذي القعدة من هذه السنة، وقدمت التقدمة في غد ذلك اليوم، فشملتني الصدقات بقول ذلك، ثم أفاض علي وعلى جميع من كان في صحبتي الخلع، وتصدق علي بالمركوب والنفقة، وأعادني إلى بلدي بحبور الحبور، فوصلت إلى حماة في يوم الثلاثاء السابع ذي الحجة من هذه السنة، الموافق للسابع والعشرين من نيسان.
[ذكر ملوك الغرب]
توفي أبو الربيع سليمان بن عبد الله بن أبي يعقوب يوسف، في منتصف هذه السنة، وجلس في الملك بعده عم أبيه، أبو سعيد عثمان بن أبي يوسف، يعقوب ابن عبد الحق، في شهر رجب من هذه السنة، واستقرت قدمه في الملك.
[ذكر القبض على أسندمر نائب السلطنة بحلب]
كان السلطان قد جرد عسكراً مع كراي المنصوري، وشمس الدين سنقر الكمالي، فساروا وأقاموا بحمص، ولما وصلت إلى حماة عائداً من الأبواب الشريفة ركبوا من حمص وساقوا ليكبسوا أسندمر بحلب، ويبغتوه بها، فإنه كان مستشعراً لما كان قد فعله من الجرائم، وأرسل كراي المذكور إلي يعلمني بمسيرهم، وأن أسير بالعسكر الحموي واجتمع بهم، لهذا المهم، فخرجت من حماة يوم الخميس، تاسع ذي الحجة من هذه السنة، وهو ثالث يوم من وصولي من الأبواب الشريفة، ونزلت بالعبادي، وسقنا نهار الجمعة وبعض الليل، ووصلنا إلى حلب بعد