سبعاً وأربعين سنة وخمسة أشهر وخمسة أيام، وكان جميلاً أبيض قد وخطه الشيب، وكان له من البنين: الأمين من زبيدة، والمأمون من أم ولد اسمها مراجل، والقاسم المؤتمن، والمعتصم محمد، وصالح، وأبو عيسى محمد، وأبو يعقوب، وأبو العباس محمد، وأبو سليمان محمد، وأبو علي محمد، وأبو محمد، وهو اسمه، وأبو أحمد محمد، كلهم لأمهات أولاد، وخمس عشرة بنتاً، وكان الرشيد يتصدق من صلب ماله في كل يوم بألف درهم، وعهد بالخلافة إِلى الأمين، ثم من بعده إِلى المأمون، وكتب بينهما عهداً بذلك، وجعله في الكعبة، وكان قد جعل ابنه القاسم ولقبه المؤتمن، ولي العهد بعد المأمون، وجعل أمر استقراره وعزله إلى المأمون إِن شاء استمر به وإن شاء عزله.
[خلافة الأمين]
وهو سادسهم، ولما توفي الرشيد بويع للأمين بالخلافة، في عسكر الرشيد، صبيحة الليلة التي توفي فيها الرشيد، وكان المأمون حينئذ بمرو وكتب صالح بن الرشيد إِلى أخيه الأمين، بوفاة الرشيد، مع رجاء الخادم، وأرسل معهُ خاتم الخليفة، والبردة والقضيب، ولما وصل إِلى الأمين ببغداد، أخذت له البيعة ببغداد، وتحول إِلى قصر الخلافة، ثم قدمت عليه زبيدة أمه من الرقة، ومعها خزائن الرشيد، فتلقاها ابنها الأمين بالأنبار ومعه جميع وجوه بغداد، وفي هذه السنة قتل تقفور ملك الروم في حرب برجان، وكان ملكه سبع سنين.
ثم دخلت سنة أربع وتسعين ومائة وفي هذه السنة اختلف أهل حمص على عاملهم إِسحاق بن سليمان، فانتقل عنهم إِلى سلمية، فعزله الأمين واستعمل مكانه عبد الله بن سعيد الحرسي، فقاتل أهل حمص حتى سألوا الأمان فأمنهم. وفي هذه السنة قتل شقيق البلخي الزاهد في غزوة كولان من بلاد الترك.
ثم دخلت سنة خمس وتسعين ومائة فيها أبطل الأمين اسم المأمون من الخطبة، وكان أبوهما قد عهد إِلى الأمين، ثم من بعده إِلى المأمون حسب ما ذكرناه، فخطب لهما إِلى هذه السنة، فقطعها الأمين، وخطب لابنه موسى بن الأمين، ولقبه الناطق بالحق. وكان موسى طفلاً صغيراً، ثم جهز الأمين جيشاً لحرب المأمون بخراسان، وقدم عليهم علي بن عيسى بن ماهان، وكان طاهر بن الحسين مقيماً في الري من جهة المأمون ومعه عسكر قليل، وسار علي بن عيسى بن ماهان في خمسين ألفاً، حتى وصل إِلى الري، والتقى العسكران، فخلع طاهر بيعة الأمين وبايع المأمون بالخلافة، وقاتل علي بن عيسى بن ماهان قتالاً شديداً، فانهزم عسكر الأمين، وقتل علي بن عيسى بن ماهان، وحمل رأسه إِلى طاهر، فأرسل طاهر بالرأس وبالفتح إلى المأمون، وهو بخراسان.
وفي هذه السنة توفي أبو نواس الحسن بن هانئ الشاعر، وكان عمره تسعاً وخمسين سنة.
ثم دخلت سنة ست وتسعين ومائة في هذه السنة سير الأمين جيشاً صحبة أحمد بن مرثد، وعبد الله بن حميد بن قحطبة، ومع كل واحد عشرون ألف فارس، فساروا إِلى حلوان لحرب طاهر، فلما وصلوا إِلى خانقين وقع الاختلاف بينهم، فرجعوا من خانقين من غير أن يلقوا طاهراً،