للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتقدم طاهر فنزل حلوان، ولحقه هرثمة بجيش من عند المأمون، وكتاب يأمره فيه أن يسلم ما حوى من المدن والكور إِلى هرثمة، وأن يتوجه طاهر إِلى الأهواز، ففعل ذلك، وأقام مرثمة بحلوان، ولما تحقق المأمون قتل ابن ماهان وانهزام عساكر الأمين، أمر أن يخطب له بإِمرة المؤمنين، وأن يخاطب بأمير المؤمنين، وعقد للفضل بن سهل على المشرق، من جبل همدان إِلى التبت طولاً، ومن بحر فارس إِلى بحر الديلم وجرجان عرضاً، ولقبه ذا الرياستين، رياسة الحرب والقلم، وولىّ الحسن بن سهل ديوان الخراج، وذلك كله في هذه السنة، ثم استولى طاهر على الأهواز، ثم على واسط، ثم على المدائن، ونزل صرصر ثم دخلت سنة سبع وتسعين ومائة في هذه السنة حاصر طاهر وهرثمة بالعساكر الذين صحبتهما بغداد، وحصروا الأمين، ووقع في بغداد النهب والحريق، ومنع طاهر دخول الميرة إِلى بغداد، فغلت بها الأسعار ودام الحصار وشدة الحال، إِلى أن انقضت هذه السنة.

وفي هذه السنة أعني سنة سبع وتسعين ومائة، توفي إِبراهيم بن الأغلب عامل إِفريقية، وقد تقدم ذكر ولايته في سنة أربع وثمانين ومائة ولما توفي تولى على إِفريقية بعد ولده أبو العباس عبد الله بن إِبراهيم بن الأغلب ثم دخلت سنة ثمان وتسعين ومائة.

استيلاء طاهر على بغداد وقتل الأمين في هذه السنة هجم طاهر على بغداد بعد قتال شديد، ونادى مناديه: من لزم بيته فهو آمن. وأخذ الأمين أمه وأولاده إِلى عنده بمدينة المنصور، وتحصن بها؛ وتفرق عنه عامة جنده وخصيانه، وحصره طاهر هناك، وأخذ عليه الأبواب، ولما أشرف على أخذه، طلب الأمين الأمان من هرثمة، وأن يطلع إِليه فروجع في الطلوع إِلى طاهر، فأبى ذلك، فلما كانت ليلة الأحد لخمس بقين من المحرم سنة ثمان وتسعين ومائة، خرج الأمين بعد عشاء الآخرة وعليه ثياب بيض وطيلسان أسود، فأرسل إِليه هرثمة يقول: إِني غير مستعد لحفظك، وأخشى أن أُغلب عنك، فأقم إلى الليلة القابلة، فأبى الأمين إلا الخروج تلك الليلة، ثم دعا الأمين لابنيه وضمهما إليه وقبلهما وبكى، ثم جاء راكباً إِلى الشط، فوجد حراقة هرثمة، فصعد إِليها، فاحتصنه هرثمة وضمه إِليه، وقبل يديه ورجليه ثم شد أصحاب طاهر على حراقة هرثمة حتى غرقوها، فأخرج الملاح هرثمة من الماء، وأما الأمين فلما سقط في الماء، شق ثيابه، ثم أخذ بعض أصحاب طاهر الأمين وهو عريان عليه سراويل وعمامة، فأمر به طاهر فحبس في بيت، فلما انتصف الليل، أرسل إِليه طاهر قوماً من العجم فقتلوه وأخذوا رأسه ومضوا به إِلى طاهر، فنصبه على برج من أبرجة بغداد، وأهل بغداد ينظرون إِليه.

ثم أرسل طاهر رأس الأمين إِلى أخيه المأمون وكتب بالفتح، وأرسل البردة والقضيب، ودخل طاهر المدينة يوم الجمعة، وصلى بالناس وخطب للمأمون، وكان قتل الأمين لست بقين من المحرم، سنة ثمان وتسعين

<<  <  ج: ص:  >  >>