بن أحمد بن مروان إلى طاعته وخدمته، ثم سار ألب أرسلان حتى نزل على حلب، فبذل صاحبها محمود بن نصر بن صالح بن مرداس له الطاعة، بدون أن يطئ بساطه، فلم يرض ألب أرسلان بذلك، فخرج محمود ووالدته ليلا، ودخلا على السلطان ألب أرسلان فأحسن إليهما، وأقر محموداً على مكانه بحلب.
وفيها سار ملك الروم أرمانوس بالجموع العظيمة من أنواع الروم والروس والجركس وغيرهم حتى وصل إلى ملاز كرد، فسار إليه ألب أرسلان وسأل الهدنة من ملك الروم فامتنع واقتتل الجمعان، فولى الروم منهزمين، وقتل منهم ما لا يحصى وأخذ الملك أرمانوس أسيراً، فشرط ألب أرسلان عليه شروطاً من حمل المال والأسرى والهدنة، فأجاب أرمانوس إليها، فأطلقه ألب أرسلان وحمله إلى مأمنه.
وفيها قصد يوسف بن أبق الخوارزمي وهو من أمراء ملكشاه بن ألب أرسلان الشام، وفتح مدينة الرملة وبيت المقدس، وأخذهما من نواب الخليفة المستنصر، صاحب مصر، ثم حصر دمشق وضيق على أهلها ولم يملكها.
[ذكر غير ذلك]
وفي هذه السنة توفي أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن أحمد الغوراني الفقيه الشافعي، مصنف كتاب الإبانة وغيره. وفيها توفي أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بن زيدون الأندلسي القرطبي، وكان من أبناء الفقهاء بقرطبة ثم انتقل وخدم المعتضد بن عباد صاحب إشبيلية، وصار عنده وزيره. ولابن زيدون المذكور الأشعار الفائقة منها:
بيني وبينك ما لو شئت لم يضع ... سراً إذا ذاعت الأسرار لم يذع
يا بائعاً حظه مني ولو بذلت ... لي الحياة بحظي منه لم أبع
يكفيك أنك لو حملت قلبي ما ... لم تستطعه قلوب الناس يستطع
تكاد حين تناجيكم ضمائرنا ... يقضي علينا الأسى لولا تأسينا
وفيها في ذي الحجة توفي ببغداد الخطيب أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت البغدادي صاحب المصنفات الكثيرة، وكان إمام الدنيا في زمانه، وممن حمل جنازته الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، وصنف تاريخ بغداد، الذي ينبئ عن إطلاع عظيم، وكان من المتجرين، وكان فقيهاً فغلب عليه الحديث والتاريخ، ومولده في جمادى الآخر سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة وكان الخطيب المذكور في وقته حافظ الشرق، وأبو عمرو يوسف بن عبد البر صاحب الاستيعاب حافظ الغرب، وماتا في هذه السنة، ولم يكن للخطيب عقب، وصنف أكثر من ستين كتاباً، وأوقف جميع كتبه رحمه الله. وأما ابن عبد البر المذكور، فهو