للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون للملك الناصر الشام جميعه إلى العريش، ويكون الحد بين القاضي، وهو بين الورادة والعريش، وبيد المعز أيبك الديار المصرية، وانفصل الحال على ذلك ورجع كل إلى بلده.

وفي هذه السنة أو التي قبلها تزوج المعز أيبك شجرة الدر أم خليل، التي خطب لها بالسلطنة في ديار مصر.

وفيها طلب الملك الناصر داود من الملك الناصر يوسف دستوراً إلى العراق، بسبب طلب وديعته من الخليفة، وهي الجوهر الذي تقدم ذكره، وأن يمضي إلى الحج، فأذن له الناصر يوسف في ذلك، فسار الناصر داود إلى كربلاء، ثم مضى منها إلى الحج، ولما رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، تعلق في أستار الحجرة الشريفة بحضور الناس وقال: اشهدوا أن هذا مقامي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، داخلاً عليه، مستشفعاً به إلى ابن عمه المستعصم، في أن يرد علي وديعتي، فأعظم الناس ذلك، وجرت عبراتهم، وارتفع بكاؤهم، وكتب بصورة ما جرى مشروح، ورفع إلى أمير الحاج كيخسرو، وذلك يوم السبت الثامن والعشرين من ذي الحجة من هذه السنة، وتوجه الناصر داود مع الحاج العراقي وأقام ببغداد.

ثم دخلت سنة أربع وخمسين وستمائة فيها مات كيخسرو ملك بلاد الروم، وأقيم في السلطنة ولداه الصغيران عز الدين كيكاؤوس وركن الدين قليج أرسلان.

وفيها توجه كمال الدين المعروف بابن العديم، رسولاً من الملك الناصر يوسف صاحب الشام، إلى الخليفة المستعصم، وصحبته تقدمة جليلة، وطلب خلعة من الخليفة لمخدومه، ووصل من جهة المعز أيبك صاحب مصر، شمس الدين سنقر الأقرع، وهو من مماليك المظفر غازي صاحب ميافارقين، إلى بغداد، بتقدمة جليلة، وسعى في تعطيل خلعة الناصر يوسف صاحب دمشق، فبقي الخليفة متحيراً، ثم إنه أحضر سكيناً من اليسم كبيرة، وقال الخليفة لوزيره: أعط هذه السكين رسول صاحب الشام، علامة مني في أن له خلعة عندي في وقت آخر، وأما في هذا الوقت فلا يمكني، فأخذ كمال الدين ابن العديم السكين، وعاد إلى الناصر يوسف بغير خلعة.

[ذكر غير ذلك]

فيها جرى للناصر داود مع الخليفة ما صورته، أنه لما أقام ببغداد بعد وصوله مع الحجاج، واستشفاعه بالنبي صلى الله عليه وسلم في رده وديعته، أرسل الخليفة المستعصم من حاسب الناصر داود المذكور، على ما وصله في ترداده إلى بغداد من المضيف، مثل اللحم والخبز والحطب والعليف والتبن وغير ذلك، وثمن عليه ذلك بأغلى الأثمان، وأرسل إليه شيئاً نزراً، وألزمه أن يكتب خطه بقبض وديعته، وأنه ما بقي يستحق عند الخليفة شيئاً، فكتب خطه بذلك كرهاً، وسار عن بغداد وأقام مع العرب. ثم أرسل إليه الناصر يوسف بن العزيز بن غازي بن يوسف صاحب الشام، فطيب قلبه وحلف له، فقدم الناصر داود إلى دمشق

<<  <  ج: ص:  >  >>