ثم تحرك على اللحياني أخو خالد، وهو أبو بكر بن يحيى المنتخب، فهرب اللحياني إلى ديار مصر وأقام بالإسكندرية، وملك أبو بكر المذكور تونس وما معها، خلا طرابلس والمهدية، فإنه بعد هروب اللحياني، بايع ابنه محمد بن اللحياني لنفسه، واقتتل مع أبي بكر، فهزمه أبو بكر، واستقر محمد بن اللحياني بالمهدية، وله معها طرابلس، وكان استيلاء أبي بكر وهروب اللحياني إلى ديار مصر، في سنة تسع وعشرة وسبعمائة. وأقام اللحياني في الإسكندرية، ثم وردت عليه مكاتبات من تونس في ذي القعدة سنة إحدى وعشرين وسبعمائة إلى الإسكندرية، يذكرون فيها أن أبا بكر متملك تونس المذكور، قد هرب وترك البلاد، وأن الناس قد اجتمعوا على طاعة اللحياني وبايعوا نائبه، وهو محمد بن أبي بكر، من الحفصيين، وهو صهر زكريا اللحياني المذكور، وهم في انتظار وصول اللحياني إلى مملكته، أقول وقد بقيت مملكة إفريقية، فهرب منها لضعفها بسبب استيلاء العرب عليها.
ذكر مقتل أقطاي في هذه السنة اغتال الملك المعز أيبك التركماني المستولى على مصر، خوشداشه أقطاي الجمدار، وأوقف له في بعض دهاليز الدور التي بقلعة الجبل ثلاثة مماليك، وهم قطز، وبهادر، وسنجر الغتمي، فلما مر بهم فارس الدين أقطاي ضربوه بسيوفهم فقتلوه، ولما علمت البحرية بذلك هربوا من ديار مصر إلى الشام، وكان الفارس أقطاي يمنع أيبك من الاستقلال بالسلطنة، وكان الاسم للملك الأشرف موسى بن يوسف بن يوسف ابن الملك الكامل محمد ابن الملك العادل أبي بكر بن أيوب.
فلما قتل أقطاي استقل المعز التركماني بالسلطنة، وأبطل الأشرف موسى المذكور منها بالكلية، وبعث به إلى عماته القطبيات، وموسى المذكور آخر من خطب له من بيت أيوب بالسلطنة في مصر، وكان انقضاء دولتهم من الديار المصرية في هذه السنة على ما شرحناه، ووصلت البحرية إلى الملك الناصر يوسف صاحب الشام، وأطمعوه في ملك مصر، فرحل من دمشق بعسكر ونزل عمقاً من الغور، وأرسل إلى غزة عسكراً فنزلوا بها، وبرز المعز أيبك صاحب مصر إلى العباسة، وخرجت السنة وهم على ذلك.
وفيها قدمت ملكة خاتون بنت كيقباذ ملك بلاد الروم إلى زوجها الملك الناصر يوسف صاحب الشام.
وفيها ولي الملك المنصور صاحب حماة، قضاء حماة للقاضي شمس الدين إبراهيم بن هبة الله بن البارزي، بعد عزل القاضي المحيي حمزة بن محمد.
ثم دخلت سنة ثلاث وخمسين وستمائة فيها عزمت العزيزية المقيمون مع المعز أيبك على القبض عليه، وعلم بذلك، واستعد لهم، فهربوا من مخيمهم على العباسة على حمية، واحتيط على وطاقاتهم جميعها.
وفي هذه السنة مشى نجم الدين الباذراي في الصلح بين المصريين والشاميين، واتفق الحال أن