للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى " أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها. قال أنى يحي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوماً أو بعض يوم قال بل لبثت مائة فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشرها ثم نكسوها لحماً فلما تبين له قال: أعلم أن الله على كل شيء قدير " " البقرة: ٢٥٩ " وقد قيل إن صاحب القصة هو العزير والأصح أنه إرميا.

[ذكر نفل التوراة]

وغيرها من كتب الأنبياء من اللغة العبرانية إلى اللغة اليونانية من كتاب أبي عيسى قال: لما ملك الإسكندر، وقهر الفرس، وعظمت مملكة اليونان صار بنو إسرائيل وغيرهم تحت طاعتهم. وتوالت ملوك اليونان بعد الإسكندر، وكان يقال لكل واحد منهم بطلميوس - على ما سنذكر ذلك إن شاء الله تعالى في الفصل الثالث، ولكن نذكر منهم هاهنا ما تدعو الحاجة إلى ذكره فنقول: لما مات الإسكندر، ملك بعده بطليموس بن لاغوس عشرين سنة، ثم ملك بعده بطليموس محب أخيه، وهو الذي نقلت إليه التوراة وغيرها من كتب الأنبياء، من اللغة العبرانية إلى اللغة اليونانية. أقول: فيكون نقل التوراة بعد عشرين سنة مضت لموت الإسكندر. قال أبو عيسى: إن بطلميوس الثاني محب أخيه المذكور، لما تولى وجد جملة من الأسرى، منهم نحو ثلاثين ألف نفس من اليهود، فأعتقهم كلهم، وأمرهم بالرجوع إلى بلادهم، ففرح بنو إسرائيل بذلك، وأكثروا له من الدعاء والشكر، وأرسل رسولا وهدايا إلى بني إسرائيل المقيمين بالقدس، وطلب منهم أن يرسلوا إليه عدة من علماء بني إسرائيل، لنقل التوراة وغيرها إلى اللغة اليونانية، فسارعوا إلى امتثال أمره.

ثم إن بني إسرائيل تزاحموا على الرواح إليه، وبقي كل منهم يختار ذلك، واختلفوا، ثم اتفقوا. على أن يبعثوا إليه من كل سبط من أسباطهم ستة نفر فبلغ عددهم اثنين وسبعين رجلا.

فلما وصلوا إلى بطلميوس المذكور، أحسن قراهم، وصيرهم ستاً وثلاثين فرقة، وخالف بين أسباطهم، وأمرهم فترجموا له ستاً وثلاثين نسخة بالتوراة، وقابل بطلميوس بعضها ببعض، فوجدها مستوية لم تختلف اختلافاً يعتد به، وفرق بطلميوس النسخ المذكورة في بلاده، وبعد فراغهم من الترجمة أكثر لهم الصلات، جهزهم إلى بلدهم.

وسأله المذكورون في نسخة من تلك النسخ، فأسعفهم بنسخة، فأخذها المذكورون، وعادوا بها إلى بني إسرائيل ببيت المقدس.

فنسخة التوراة المنقولة لبطلميوس حينئذ أصح نسخ التوراة وأثبتهما، وقد تقدمت الإشارة إلى هذه النسخة، وإلى النسخة التي بيد اليهود الآن، وإلى نسخة السامرية في مقدمة هذا الكتاب، فأغنى عن الإعادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>