للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسحاق، الطبيب العبادي، وهو الذي نقل كتب الحكماء اليونانيين إِلى العربية، وكان عالماً بها، وهو الذي عرّب كتاب إِقليدس، وكتاب بطليموس المجسطي وأصلحهما، ونقحهما، والعبَادي بكسر العين المهملة وفتح الباء الموحدة من تحتها هذه النسبة إِلى عباد الحيرة، وهم عدة بطون من قبائل شتى، نزلوا الحيرة، وكانوا نصارى، ينسب إِليهم خلق كثير، منهم عدي بن زيد العبادي.

ثم دخلت سنة إِحدى وستين ومائتين ولاية نصر بن أحمد الساماني

[ما وراء النهر، وابتداء أمر الساماني]

في هذه السنة استُعملَ نصر بن أحمد بن أسد بن سامان أخذه بن جثمان بن طغاث بن نوشرد بن بهرام جوبين، وهو بهرام جوبين الذي ذكر في أخبار كسرى برويز، وكان لأسد بن سامان أربعة أولاد هم نوح، وأحمد، ويحيى، وإلياس، وكانوا في خراسان حين تولى عليها المأمون بن الرشيد، فأكرم المأمون أولاد أسد بن سامان، الأربعة المذكورين، وقدّمهم واستعملهم. ولما رجع المأمون من خراسان إلى العراق، استخلف على خراسان غسان بن عباد، فولى غسان المذكور؛ أحمد بن أسد فرغانة، في سنة أربع ومائتين، ويحيى بن أسد الشاش مع أسرشة وولى إِلياس بن أسد هراة، وولى نوح بن أسد سمرقند، ولما تولى طاهر بن الحسين على خراسان، أقرهم على هذه الأعمال، حسبما كان قد ولاهم غسان بن عباد عليه، ثم مات نوح ابن أسد ثم مات بعده إلياس بهراة، فاستقر على عمله ابنه محمد بن إِلياس. وكان لأحمد بن أسد سبعة بنين، وهم نصر ويعقوب ويحيى وأسد وإسماعيل وإسحاق وحميد، ثم مات أحمد بن أسد، فاستخلف ابنه نصراً على أعماله، وكان إِسماعيل ابن أحمد يخدم أخاه نصراً، فولاه نصر بخارى. في هذه السنة، أعني سنة إحدى وستين ومائتين.

ثم بعد ذلك، سعت السعاة بين نصر وأخيه إسماعيل، فأفسدوا ما بينهما، حتى اقتتلا سنة خمس وسبعين ومائتين، فظفر إِسماعيل بأخيه نصر، فلما حمل إِليه، ترجل له إسماعيل وقبل يده، ورده إِلى موضعه، واستمر إِسماعيل ببخارى، وكان إِسماعيل رجلا خيراً يحب أهل العلم ويُكرمُهم، فلذلك دام ملكه وملك أولاده، وطالت أيامهم على ما سنذكره إِن شاء الله تعالى. وفي هذه السنة عصى أهل برقة على أحمد بن طولون، فجهز إليهم جيشاً، فحاصروا برقة، وفتحوها، وقبضوا على جماعة من رؤسائهم.

وفي هذه السنة توفي محمد بن أحمد بن محمد بن إِبراهيم بن الأغلب صاحب إِفريقية، في جمادى الأولى. وكانت ولايته عشر سنين وخمسة أشهر ونصفاً. وتولى بعده أخوه إبراهيم بن أحمد بن محمد، ثم سار إِبراهيم بن أحمد بن محمد إِلى صقلية، وفتح الفتوحات العظيمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتوفي إبراهيم بالذرب ليلة السبت، لإحدى عشرة بقيت من ذي القعدة، سنة تسع وثمانين ومائتين بصقلية، رحمه الله تعالى، وجعل في تابوت، وحمل إِلى إِفريقية، ودفن بالقيروان، وكانت ولايته خمساً وعشرين

<<  <  ج: ص:  >  >>