للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشيء منها. قال صلاح الدين: ما رأيت أكرم من العاضد، أرسل إلي مدة مقام الفرنج على دمياط، ألف ألف دينار مصرية، سوى الثياب وغيرها.

وفيها سار نور الدين وحاصر الكرك مدة، ثم رحل عنه.

وفيها كانت زلزلة عظيمة خربت الشام، فقام نور الدين في عمارة الأسواق، وحفظ البلاد أتم قيام، وكذلك خربت بلاد الفرنج، فخافوا من نور الدين، واشتغل كل منهم عن قصد الآخر، بعمارة ما خرب من بلاده.

وفيها في ذي الحجة، مات قطب الدين مودود بن زنكي بن أقسنقر، صاحب الموصل، وكان مرضه حمى حادة، ولما مات صرف أرباب الدولة الملك عن ابنه الأكبر عماد الدين زنكي بن مودود، إلى أخيه الذي هو أصغر منه، وهو سيف الدين غازي بن مودود، فسار عماد الدين زنكي إلى عمه نور الدين مستنصراً به، وتوفي قطب الدين وعمره أربعين سنة تقريباً، وكانت مدة ملكه إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر ونصفاً. وكان من أحسن الملوك سيرة.

وفي هذه السنة توفي الملك طغريل بك بن قاورت بك، صاحب كرمان، واختلف أولاده، بهرام شاه، وأرسلان شاه وهو الأكبر، واستنجد كل منهم، وطلب الملك، فاتفق في تلك المدة أن أرسلان شاه الأكبر مات، فاستقر بهرام شاه في ملك كرمان.

وفيها توفي مجد الدين أبو بكر بن الداية رضيع نور الدين، وكانت حلب وحارم وقلعة جعبر إقطاعه، فأقر نور الدين أخاه علياً بن الداية على إقطاعه.

وفيها توفي محمد بن محمد بن ظفر، صاحب كتاب سلوان المطاع، صنفه لبعض القواد بصقلية، سنة أربع وخمسين وخمسمائة، وله أيضاً كتاب نجباء الأبناء، وشرح مقامات الحريري، ومولده بصقلية، وتنقل بالبلاد وأقام بمكة، شرفها الله تعالى، وسكن آخر وقت مدينة حماة، وتوفي بها، ولم يزل يكابد الفقر حتى مات، رحمه الله تعالى.

ثم دخلت سنة ست وستين وخمسمائة.

وفاة المستنجد

خلافة المستضيء

[وهو ثالث ثلاثينهم:]

في هذه السنة، تاسع ربيع الآخر، توفي المستنجد بالله أبو المظفر يوسف بن المقتفي لأمر الله أبي عبد الله محمد بن المستظهر بالله، ومولده مستهل ربيع الآخر سنة عشر وخمسمائة، وكان أسمر تام القامة، طويل اللحية، وكان سبب موته أنه مرض واشتد مرضه، وكان قد خاف منه أستاذ داره عضد الدين أبو الفرج، ابن رئيس الرؤساء، وقطب الدين قيماز المقتنوي، وهو حينئذ أكبر أمراء بغداد، فاتفقا ووضعا الطبيب على أن يصف له ما يهلكه، فوصف له دخول الحمام، فامتنع منه لضعفه، ثم أنه دخلها وغلق عليه الباب فصات، ولما مات المستنجد، أحضر عضد الدين وقطب الدين المستضيء بأمر الله ابن المستنجد، واشترطا عليه شروطاً، أن يكون عضد الدين وزيراً، وابنه كمال الدين أستاذ داره، وقطب الدين أمير العسكر، فأجابهم إلى ذلك. واسم المستضيء الحسن، وكنيته أبو محمد، ولم يل الخلافة من اسمه حسن، غير الحسن بن علي المستضيء، فبايعوه بالخلافة يوم مات أبوه بيعة خاصة، وفي غده بيعة عامة، وكان المستنجد حسن

<<  <  ج: ص:  >  >>