وولاية نصيبين، واستقر قريش بها.
ثم دخلت سنة ست وعشرين وأربعمائة فيها انحل أمر الخلافة والسلطنة ببغداد، وعظم أمر العيارين وصاروا يأخذون أموال الناس ليلا ونهاراً، ولا مانع لهم، والسلطان جلال الدولة عاجز عنهم لعدم امتثال أمره، والخليفة أعجز منه، وانتشرت العرب في البلاد، فنهبوا النواحي وقطعوا الطريق.
وفيها وصلت الروم إلى ولاية حلب، فخرج إليهم صاحبها شبل الدولة بن صالح ابن مرداس، وتصاففوا واقتتلوا، فانهزمت الروم، وتبعهم إلى إعزاز، وغنم منهم وقتل.
وفيها قصدت خفاجة الكوفة فنهبوها. وفيها توفي أحمد بن كليب الشاعر، وكان يهوى أسلم بن أحمد بن سعيد، فمات كمداً في هواه، فمن قوله فيه:
وأسلمني في هوا ... هـ أسلم هذا الرشا
غزال له مقلة ... يصيب بها من يشا
وشى بيننا حاسد ... سيسأل عما وشى
ولو شاء أن يرتشي ... على الوصل روحي ارتشى
ثم دخلت سنة سبع وعشرين وأربعمائة.
وفاة الظاهر صاحب مصر في هذه السنة منتصف شعبان، توفي الظاهر لإعزاز دين الله أبو الحسن، علي ابن الحاكم أبي علي منصور العلوي بمصر، وعمره ثلاث وثلاثون سنة، وكانت خلافته خمس عشرة سنة وتسعة أشهر وأياماً، وكان له مصر والشام، والخطبة بإفريقية. وكان جميل السيرة، منصفاً للرعية، ولما مات ولى بعده ابنه أبو تميم معد، ولقب بالمستنصر بالله، ومولده سنة عشرين وأربعمائة، وهذا المستنصر هو الذي خطب له ببغداد، على ما سنذكره في سنة خمسين وأربعمائة إن شاء الله تعالى، وهو الذي وصل إليه الحسن بن الصباح الإسماعيلي، وخاطبه في إقامة دعوته بخراسان وبلاد العجم، وقال له: إن فقدت فمن الإمام بعدك؟ فقال المستنصر: ابني نزار.
فتح السويداء كان الروم قد أحدثوا عمارتها، واجتمع إليها أهل القرى المجاورة لها، فسار إليها ابن وثاب وابن عطية مع عسكر كثيف من عند نصر الدولة بن مروان وفتحوا السويداء عنوة.
مقتل يحيى الإدريسي
[وسياق أخبار من ملك بعده من أهل بيته إلى آخرهم.]
في هذه السنة، أعني سنة سبع وعشرين وأربعمائة، قتل يحيى بن علي بن حمود، حسبما تقدم في سنة سبع وأربعمائة، ولما قتل يحيى، تولى بعده أخوه إدريس بن علي بن حمود،