للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موت السفاح في هذه السنة مات السفاح بالأنبار، في ذي الحجة بالجدري، وعمره ثلاث وثلاثون سنة فمدة خلافته، من لدن قتل مروان، أربع سنين، وكان قد بويع له بالخلافة قبل قتل مروان بثمانية أشهر، وكان السفاح طويلا أقنى الأنف، أبيض، حسن الوجه واللحيه، وصلى عليه عمه عيسى بن علي بن عبد الله بن عباس، ودفنه بالزنبار العتيقة.

[خلافة المنصور]

وهو ثاني خلفاء بني العباس، كان السفاح قد عهد بالخلافة إِلى أخيه أبي جعفر المنصور، ثم من بعده إلى ابن أخيه عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، فعقد العهد في ثوب، وختم عليه، ودفعه إلى عيسى بن موسى، ولما مات السفاح، كان أبو جعفر في الحج، فأخذ له البيعة على الناس عيسى بن موسى، وأرسل يعلمه بذلك، وبموت السفاح، وكان مع أبي جعفر أبو مسلم في الحج، فبايع أبو مسلم أبا جعفر وبايعه الناس.

ثم دخلت سنة سبع وثلاثين ومائة فيها قدم أبو جعفر المنصور من الحج إلى الكوفة، فصلى بأهلها الجمعة، وخطبهم، وسار إلى الأنبار فأقام بها.

وفيها بايع عم المنصور عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس لنفسه بالخلافة، وكان أبو مسلم قد قدم من الحج مع أبي جعفر المنصور، فأرسل أبو جعفر أبا مسلم ومعه الجنود، إِلى قتال عمه عبد الله بن علي، وكان عبد الله بأرض نصيبين، فاقتتل هو وأبو مسلم عدة دفوع، واجتهد أبو مسلم بأنواع الخدع في قتاله، وداموا كذلك مدّة، وفي آخر الأمر انهزم عبد الله بن علي وأصحابه في جمادى الآخرة، من هذه السنة، إِلى جهة العراق، واستولى أبو مسلم على عسكره، وكتب بذلك إِلى المنصور.

قتل أبي مسلم الخراساني وفيها قتل أبو جعفر المنصور أبا مسلم الخراساني، بسبب وحشة جرت بينهما، فإِن المنصور كتب إِلى أبي مسلم بعد أن هزم عبد الله عمه، بالولاية على مصر والشام، وصرفه عن خراسان، فلم يجب أبو مسلم إِلى ذلك، أبو مسلم يريد خراسان، وسار المنصور من الأنبار إلى المدائن، وكتب إلى أبي مسلم يطلبه إليه، فاعتذر عن الحضور إِليه، وطالت بينهما المراسلات في ذلك، وآخر الأمر أن أبا مسلم قدم على أبي جعفر المنصور بالمدائن، في ثلاثة آلاف رجل، وخلف باقي عسكره بحلوان، ولما قدم أبو مسلم، دخل على المنصور، وقبل يده، وانصرف، فلما كان من الغد، ترك المنصور بعض حرسه خلف الرواق، وأمرهم أنه إذا صفق بيديه، يخرجون ويقتلون أبا مسلم، ودعا أبا مسلم، فلما حضر أخذ المنصور يعدد ذنوبه، وأبو مسلم يعتذر عنها، ثم صفق المنصور، فخْرجَ الحرس وقتلوا أبا مسلم، وكان قتله في شعبان

<<  <  ج: ص:  >  >>