مرتبة السلطنة. فجلس، واستدعيت العساكر للتحليف، فحلفوا له في اليوم الذي قتل فيه قطز، وهو سابع عشر ذي القعدة من هذه السنة، أعني سنة ثمان وخمسين وستمائة.
واستقر بيبرس في السلطنة، وتلقب بالملك القاهر ركن الدين بيبرس الصالحي، ثم بعد ذلك غير لقبه عن الملك القاهر، وتلقب بالملك الظاهر لأنه بلغه أن القاهر لقب غير مبارك، ما تلقب به أحد فطالت مدته، وكان الملك الظاهر المذكور، قد سأل من قطز النيابة بحلب، فلم يجبه إليها، ليكون ما قدره الله تعالى، ولما حلف الناس للملك الظاهر المذكور بالصالحية، ساق في جماعة من أصحابه وسبق العسكر إلى قلعة الجبل، ففتحت له ودخلها، واستقرت قدمه في المملكة، وكان قد زينت مصر والقاهرة لمقدم قطز، فاستمرت الزينة لسلطنة بيبرس المذكور، وكان مقتل قطز وسلطنة بيبرس في سابع عشر ذي القعدة من هذه السنة.
[ذكر إعادة عمارة قلعة دمشق]
وفي هذه السنة في العشر الأخير من ذي القعدة، شرع الأمير علم الدين سنجر الحلبي نائب السلطنة بدمشق، في عمارة قلعة دمشق، وجمع لها الصناع وكبراء الدولة والناس، وعملوا فيها، حتى النساء أيضاً، وكان عند الناس بذلك سرور عظيم.
[ذكر سلطنة الحلبي بدمشق]
كان علم الدين سنجر الحلبي، وقد استنابه الملك المظفر قطز بدمشق على ما تقدم ذكره. فلما جرى ما ذكرناه من قتل قطز، وسلطنة الملك الظاهر، جمع الحلبي الناس وحلفهم لنفسه بالسلطنة، وذلك في العشر الأول من ذي الحجة من هذه السنة، أعني سنة ثمان وخمسين وستمائة، فأجابه الناس إلى ذلك وحلفوا له، ولم يتأخر عنه أحد، ولقب نفسه الملك المجاهد، وخطب له بالسلطنة، وضربت السكة باسمه، وكاتب الملك المنصور صاحب حماة في ذلك، فلم يجبه، وقال صاحب حماة: أنا مع من يملك الديار المصرية كائناً من كان.
ذكر قبض عسكر حلب على الملك السعيد
ابن صاحب الموصل وعود التتر إلى الشام:
وكان الملك السعيد قد قرره قطز بحلب، وجرد معه جماعة من العزيزية والناصرية، وكان رديء السيرة، وقد أبغضه العسكر، وبلغ الملك السعيد المذكور مسير التتر إلى البيرة، فجرد إلى جهتهم جماعة قليلة من العسكر، وقدم عليهم سابق الدين أمير مجلس الناصري، فأشار عليه كبراء العزيزية والناصرية، بأن هذا ما هو مصلحه، وأن هؤلاء قليلون، فيحصل الطمع بسببهم في البلاد، فلم يلتفت إلى ذلك، وأصر على مسيرهم، فسار سابق الدين أمير المجلس بمن معه حتى قاربوا البيرة، فوقع عليهم التتر، فهرب منهم ودخل البيرة، بعد أن قتل غالب من كان