غريب، يقل وجود مثله، وسار الأمير حسن بأهله وأولاده إلى بعض أمراء العرب، ممن كان يحسن إليه وأقام عنده، وأراد الحسن المسير إلى الخليفة العلوي الحافظ صاحب مصر، فلم يقدر على المسير لخوف الطرق، فسار إلى ملك بجاية يحيى بن العزيز من بني حماد، فوكل يحيى المذكور على الحسن وعلى أولاده من يمنعهم من التصرف، ولم يجتمع يحيى بهم، وأنزلهم في جزائر بني مزغنان، وبقي الحسن كذلك حتى ملك عبد المؤمن بن علي بجاية في سنة سبع وأربعين وخمسمائة، وأخذها هي وجميع ممالك بني حماد، فحضر الأمير الحسن عنده، فأحسن إليه عبد المؤمن وأكرمه، واستمر على ذلك في خدمة عبد المؤمن إلى أن فتح المهدية، فأقام فيها والياً من جهته وأمره أن يقتدي برأي الأمير حسن ويرجع إلى قوله، وكان عدة من ملك من بني باديس بن مناذ إلى الحسن، تسعة ملوك. وكانت ولايتهم في سنج إحدى وستين وثلاث مائة، وانقضت في سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة ثم إن جرج بذل الأمان لأهل المهدية وأرسل وراءهم بذلك، وكانوا قد أشرفوا على الهلاك من الجوع فتراجعوا إلى المهدية.
حصر الفرنج لدمشق في هذه السنة سار ملك الألمان، والألمان بلادهم وراء القسطنطينية، حتى وصل إلى الشام في جمع عظيم، ونزل على دمشق وحصرها، وصاحبها مجير الدين أتق بن محمد بن توري بن طغتكين. والحكم وتدبير المملكة إنما هو لمعين الدين أتز مملوك جده طغتكين. وفي سادس ربيع الأول زحفوا على مدينة دمشق، ونزل ملك الألمان بالميدان الأخضر، وأرسل أتز إلى سيف الدين غازي صاحب الموصل يستنجده، فسار بعسكره من الموصل إلى الشام، وسار معه أخوه نور الدين محمود بعسكره، ونزلوا على حمص ففت ذلك في أعضاد الفرنج وأرسل أتز إلى فرنج الشام يبذل لهم تسليم قلعة بانياس، فتخلوا عن ملك الألمان وأشاروا عليه بالرحيل وخوفوه من إمداد المسلمين، فرحل عن دمشق وعاد إلى بلاده، وسلم أتز قلعة بانياس إلى الفرنج حسبما شرطه لهم.
[ذكر غير ذلك من الحوادث:]
في هذه السنة كان بين نور الدين محمود وبين الفرنج مصاف بأرض يغرى من العمق، فانهزم الفرنج وقتل منهم وأسر جماعة كثيرة، وأرسل من الأسرى والغنيمة إلى أخيه سيف الدين غازي صاحب الموصل.
وفيها ملك الفرنج من الأندلس مدينة طرطوشة، وجميع قلاعها، وحصون لارده وفيها كان الغلاء العام من خراسان إلى العراق إلى الشام إلى بلاد المغرب. وفي ربيع الأول من هذه السنة، أعني سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة، قتل نور الدولة شاهنشاه بن أيوب أخو السلطان صلاح الدين قتله الفرنج