إلى حماة، فاستحضرهما الملك المنصور محمد ليشتريهما، فلم يعجبه واحد منهما، وكان دكين البندقدار الصالحي، مملوك الملك الصالح أيوب صاحب مصر، قد غضب عليه الملك الصالح المذكور، وكان قد توجه أيدكين إلى جهة حماة، فأرسل الملك الصالح وقبض على أيدكين المذكور، واعتقله بقلعة حماة، فتركه الملك المنصور صاحب حماة في جامع قلعة حماة، واتفق ذلك عند حضور الملك الظاهر مع التاجر، فلما قلبه الملك المنصور ولم يشتره، أرسل أيدكين البندقدار وهو معتقل، فاشتراه، وبقي عنده، ثم أفرج الملك الصالح عن البندقدار، فسار من حماة وصحبته الملك الظاهر، وبقي مع أستاذه البندقدار المذكور مدة، ثم أخذه الملك الصالح من البندقدار، فانتسب إلى الملك الصالح دون أستاذه، وكان يخطب له، وينقش على الدراهم والدنانير بيبرس الصالحي.
وكان استقرار الملك السعيد بركة ابن الملك الظاهر في مملكة مصر والشام في أوائل ربيع الأول من هذه السنة، أعني سنة ست وسبعين وستمائة، واستقر بدر الدين تتليك الخزندار في نيابة السلطنة، على ما كان عليه مع والده، واستمرت الأمور على أحسن نظام، فلم تطل أيام تتليك الخزندار، ومات بعد ذلك في مدة يسيرة، قيل حتف أنفه، وقيل بل سم، والله أعلم، وتولى نيابة السلطنة بعده شمس الدين الفارقاني، ثم إن الملك السعيد خبط وأراد تقديم الأصاغر، وأبعد الأمراء الأكابر، وقبض على سنقر الأشقر، والبيسري، ثم أفرج عنهما بعد أيام يسيرة، ففسدت نيات الأمراء الكبار عليه، وبقي الأمر كذلك حتى خرجت هذه السنة.
ثم دخلت سنة سبع وسبعينوستمائة.
ذكر مسير الملك السعيد بركة إلى الشام
والإغارة على سيس وخلاف عسكره عليه:
في أثناء هذه السنة، سار الملك السعيد بركة إلى الشام وصحبته العساكر، ووصل إلى دمشق، وجرد منها العسكر صحبة الأمير سيف الدين قلاوون الصالحي، وجرد أيضاً صاحب حماة، فساروا ودخلوا إلى بلاد سيسى، وشنوا الإغارة عليها، وغنموا، ثم عادوا إلى جهة دمشق، واتفقوا على الخلاف على الملك السعيد المذكور، وخلعه من السلطنة، لسوء تدبيره، وعبروا على دمشق ولم يدخلوها، فأرسل إليهم الملك السعيد واستعطفهم ودخل عليهم بوالدته، فلم يلتفتوا إلى ذلك، وأتموا السير، فركب الملك السعيد وساق وسبقهم إلى مصر، وطلع إلى قلعة الجبل، وسارت العساكر في إثره، وخرجت هذه السنة والأمر كذلك.
وفيها توفي عز الدين كيكاؤوس بن كيخسرو بن كيقباذ بن كيخسرو بن قليج أرسلان بن مسعود بن قليج أرسلان بن سليمان بن قطلومش بن أرسلان بن سلجوق، عند منكوتمر ملك التتر، بمدينة صراي، وكيكاؤوس المذكور، هو الذي كان محبوساً بقسطنطينية حسبما تقدم ذكر القبض عليه، في سنة اثنين وستين، وذكر خلاصه واتصاله بملك التتر في سنة ثمان وستين،