وجماعة من العسكر بعد يومين من جلوسه، وأقاموا في الملك سليمان بن عبد الله بن يوسف بن يعقوب ابن عبد الحق بن محيو، وبايعوه، فاستمال الناس وأنفق فيهم الأموال، وزاد في عطيات بني مرين، وأطلق المكوس، وأحسن إلى الرعية، وقبض على علي بن يوسف المخلوع واعتقله بطنجة، واستقرت قدم سليمان في الملك واستقامت له الأمور.
ذكر قتل صاحب سيس
وقتل ابن أخيه
وفي هذه السنة قتل برلغي، وهو مقدم المغل المقيمين ببلاد الروم، صاحب سيس، هيتوم بن ليفون بن هيتوم المقدم ذكره، بعد أن ذبح ابن أخيه تروس الصغير على صدره، واستقر في ملك سيس وبلاد أوشين بن ليفون، أخو هيتوم المذكور، ولما قتله برلغي، مضى أخو هيتوم المذكور، الناق بن ليفون صحبة برلغي، وشكا إلى خربندا، فأمر خربندا ببرلغي فقتل بالسيف.
وفيها عزم سلام على المسير إلى اليمن والاستيلاء عليه، وعينت العساكر للمسير صحبته، وجهزت الآلات في المراكب من عيذاب، ثم أنهى عزمه عن ذلك.
وفيها نزل سيف الدين كراي المنصوري عن إقطاعه بديار مصر، واستقال من الإمرة فأقيل، وبقي بطالاً حتى اتهم عليه مولانا السلطان فيما بعد بإقطاع، وأعطاه نيابة السلطنة بدمشق على ما سنذكره.
وفيها توفي ركن الدين بيبرس العجمي الصالحي، المعروف بالجالق، أحد البحرية، وكان آخر البحرية، وكان قد أسن.
ثم دخلت سنة ثمان وسبعمائة:
ذكر مسير السلطان إلى الكرك
واستيلاء بيبرس الجاشنكير على المملكة
وفي هذه السنة، في يوم السبت، الخامس والعشرين من شهر رمضان، خرج مولانا السلطان الملك الناصر، ناصر الدنيا والدين، محمد بن قلاوون الصالحي، من الديار المصرية متوجهاً إلى الحجاز الشريف، وسار في خدمته جماعة من الأمراء، منهم الأمير عز الدين أيدمر الخطيري، والأمير حسام الدين قرالاجين، والأمير سيف الدين آل ملك، وغيرهم، ووصل إلى الصالحية وعيد بها عيد الفطر ثم سار إلى الكرك، فوصل إليها في عاشر شوال، وكان النائب بها جمال الدين أبقوش الأشرفي، فعمل سماطاً واحتفل به، وعبر السلطان إلى المدينة، ثم إلى القلعة، ولما عبر السلطان على الجسر إلى القلعة والأمراء ماشون بين يديه، والمماليك حول فرسه، وخلفه، سقط بهم جسر قلعة الكرك، وقد حصرت يد فرس مولانا السلطان وهو راكبه، داخل عتبة الباب، فلما أحس الفرس بسقوط الجسر، أسرع حتى كاد أن يدوس الأمراء الماشين بين يديه، وسقط من