مالك، وحسان بن ثابت، ومما نقم الناس عليه رده الحكم بن العاص، طريد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطريد أبي بكر وعمر أيضاً، وإعطاء مروان بن الحكم خمس غنائم إِفريقية، وهو خمس مائة ألف دينار، وفي ذلك يقول عبد الرحمن الكندي:
سأحلف بالله جهد اليمين ... ما ترك الله أمراً سدا
ولكن خلقت لنا فتنة ... لكي نبتلى بك أو تبتلى
فإِن الأمينين قد بنيا ... منار الطريق عليه الهدى
فما أَخذا درهمًا غيلة ... وما جعلا درهماً في الهوى
دعوت اللعين فأدنيته ... خلافاً لسنة من قد مضى
وأعطيت مروان خمس العباد ... ظلماً لهم وحميت الحمى
وأقطع مروان بن الحكم فدك، وهي صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، التي طلبتها فاطمة ميراثاً، فروى أبو بكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة "، ولم تزل فدك في يد مروان وبنيه، إِلى أن تولى عمر بن عبد العزيز فانتزعها من أهله، وردها صدقة.
وفي هذه السنة توفي المقداد بن الأسود، وهو المقداد بن عمرو بن ثعلبة، ونسب إِلى الأسود بن عبد يغوث، لأنه كان قد حالف الأسود المذكور في الجاهلية، فتبناهُ، فعرف بالمقداد بن الأسود، فلما نزل قوله تعالى " أدعوهم لآبائهم "" الأحزاب: هـ " الآية، قيل له المقداد بن عمرو، ولم يكن في يوم بدر من المسلمين صاحب فرس غير المقداد، في قول، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاهد كلها، وكان عمره نحو سبعين سنة.
ثم دخلت سنة خمس وثلاثين فيها قدم من مصر جمع، قيل ألف، وقيل سبع مائة، وقيل خمس مائة، وكذلك قدم من الكوفة جمع، وكذلك من البصرة، وكان هوى المصريين مع علي، وهوى الكوفيين مع الزبير، وهوى البصريين مع طلحة، فدخلوا المدينة، ولما جاءت الجمعة التي تلي دخولهم المدينة، خرج عثمان فصلى بالناس، ثم قام على المنبر وقال للجموع المذكورة: يا هؤلاء، الله يعلم وأهل المدينة يعلمون أنكم ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال: أنا أشهد بذلك، فثار القوم بأجمعهم فحصبوا الناس حتى أخرجوهم من المسجد، وحصب عثمان حتى خر على المنبر مغشياً عليه، فأدخل داره، وقاتل
جماعة من أهل المدينة عن عثمان، منهم سعد بن أبي وقاص، والحسن بن علي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، وأبو هريرة رضي الله عنهم، فأرسل إِليهم عثمان يعزم عليهم بالانْصراف فانصرفوا، وصلى عثمان بالناس بعد ما نزلت الجموع المذكورة في الّمسجد ثلاثين يوماً ثم منعوه الصلاة، فصلى بالناس أميرهم الغافقي أمير جمع مصر، ولزم أهل المدينة بيوتهم، وعثمان محصور في داره، ودام ذلك أربعين يوماً، وقيل خمسين، ثم إِن علياً اتفق مع عثمان على