الثالثة وكانوا سبعين، السابعة المهاجرون الذين وصلوا إِلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد هجرته وهو بقباء قبل بناء مسجده، الثامنة أهل بدر الكبرى، التاسعة الذين هاجروا بين بدر والحديبية، العاشرة أهل بيعة الرضوان الذين بايعوا بالحديبية تحت الشجرة، الحادية عشرة الذين هاجروا بعد الحديبية وقبل الفتح، الثانية عشرة الذين أسلموا يوم الفتح، الثالثة عشرة صبيان أدركوا النبي صلى الله عليه وسلم ورأوه، ومن الصحابة أهل الصفة وكانوا أناساً فقراء لا منازل لهم ولا عشائر، ينامون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ويظلون فيه، وكان صفة المسجد مثواهم فنسبوا إِليها، وكان إِذا تعشى رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو منهم طائفة يتعشون معه، ويفرق منهم طائفة على الصحابة ليعشوهم، وكان من مشاهيرهم أبو هريرة وواثلة بن الأسقع وأبو ذر رضي الله عنهم.
[خبر الأسود العنسي]
وفي مدة مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، قتل الأسود العنسي، واسمه عيهلة بن كعب، ويقال له ذو الخمار، لأنه كان يقول يأتيني ذو خمار، وكان الأسود المذكور يشعبذُ ويُري الجهال الأعاجيب، ويسبي بمنطقه قلب من يسمعه، وهو ممن ارتد وتنبأ من الكذابين، وكاتبه أهل نجران، وكان هناك من المسلمين عمرو بن حزم وخالد بن سعيد بن العاص، فأخرجهما أهل نجران وسلموهما إِلى الأسود، ثم سار الأسود من نجران إِلى صنعاء فملكها، وصفي له ملك اليمن واستفحل أمره وكان خليفته في مذحج عمرو بن معدي كرب، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك بعث رسولاً إلى الأبناء وأمرهم أن يخاذلوا الأسود إما غيلة وإما مصادمة، وأن يستنجدوا رجالاً من حمير وهمذان، وكان الأسود قد تغير على قيس بن عبد يغوث، فاجتمع به جماعة ممن كاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحدثوا معه في قتل الأسود فوافقهم، واجتمعوا بامرأة الأسود، وكان الأسود قد قتل أباها فقالت: والله إِنه لأبغض الناس إليّ، ولكن الحرس محيطون بقصره، فانقبوا عليه البيت، فواعدوها على ذلك ونقبوا عليه البيت، ودخل عليه شخص اسمه فيروز، فقتل الأسود وأحز رأسه فخار خوار الثور، فابتدر الحرس الباب، فقالت زوجته: هذا النبي يوحى إِليه، فلما طلع الفجر، أمروا المؤذن فقال: أشهد أن محمداً رسول الله، وأن عيهلة كذاب، وكتب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فورد الخبر من السماء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأعلم أصحابه بقتل الأسود المذكور، ووصل الكتاب بقتل الأسود في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، فكان كما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروى عبد الله بن أبي بكر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أيها الناس إِني قد رأيت ليلة القدر، ثم انتزعت مني، ورأيت في يدي سوارين من ذهب فكرهتهما فنفختهما فطارا، فأولتهما هذين الكذابين صاحب اليمامة وصاحب صنعاء، ولن تقوم الساعة