السلطان ملكشاه الرصد، واجتمع في عمله جماعة من الفضلاء منهم عمر الخيام وأبو المظفر الإسفرائيني وميمون بن النجيب الواسطي، وأخرج عليه من الأموال جملاً عظيمة، وبقي الرصد دائراً إلى أن مات السلطان سنة خمس وثمانين وأربعمائة فبطل.
ثم دخلت سنة ثمان وستين وأربعمائة. فها ملك أتسز دمشق. كنا قد ذكرنا سنة إحدى وستين ملك أتسز الرملة، وحصاره دمشق، ثم رحل عنها وعاودهم في أيام إدراك الغلات، حتى ضعف عسكر دمشق وتسلمها أتسز في هذه السنة، وقطع الخطبة العلوية، فلم يخطب بعدها في دمشق لهم وأقام الخطبة العباسية يوم جمعة، لست بقين من ذي القعدة من هذه السنة، وخطب للمقتدي بأمر الله، ومنع من الأذان بحي على خير العمل.
[ذكر غير ذلك]
وفي هذه السنة توفي أبو الحسن علي بن أحمد بن متويه الواحدي، المفسر، مصنف الوسيط والبسيط والوجيز، في التفسير، وهو نيسابوري ويقال له المتوي نسبة إلى جده متويه، والواحدي نسبة إلى الواحد بن ميسرة، وكان أستاذ عصره في النحو والتفسير وشرح ديوان المتنبي، وليس في الشروح مثله جودة، وكان الواحدي تلميذ الثعلبي، وتوفي الواحدي بعد مرض طويل في هذه السنة بنيسابور.
وفيها توفي الشريف الهاشمي العباس أبو جعفر مسعود بن عبد العزيز، المعروف بالبياضي الشاعر، وله أشعار حسنة فمنها:
كيف يذوي عشب أشوا ... قي ولي طرف مطير
إن يكن في العشق حر ... فأنا العبد الأسير
أو على الحسن زكاة ... فأنا ذاك الفقير
ومنها:
يا من لبست لبعده ثوب الضنا ... حتى خفيت به عن العواد
وأنست بالسهر الطويل فأنسيت ... أجفان عيني كيف كان رقادي
إن كان يوسف بالجمال مقطع الأيدي فأنت مفتت الأكباد وقيل له البياضي لأن بعض أجداده كان مع جماعة من بني العباس، وكلهم قد لبسوا أسود غيره، فسأل الخليفة عنه وقال من ذلك البياضي، فبقي عليه لقباً.
ثم دخلت سنة تسع وستين وأربعمائة فيها سار أتسز المتولي على دمشق إلي مصر وعاد مهزوماً إلى الشام. قيل كانت هزيمته لقتال جرى بين الفريقين، وقيل بل انهزم بغير قتال، وهلك جماعة من أصحابه.
وفي هذه السنة أورد ابن الأثير موت محمود بن شبل الدولة نصر بن صالح بن مرداس الكلابي صاحب حلب، أقول: لكني وجدت في تاريخ حلب، تأليف كمال الدين المعروف بابن العديم أن محموداً المذكور مرض في سنة شع وستين وأربعمائة، وحدث به قروح