رضى الله عنها، وهذان القبران بمشهد النور خارج منبج، وعلى قبر الشيخ عقيل المنبجي، وعلى قبر الشيخ ينبوب، وهما داخل منبج، وعلى قبر الشيخ علي، وعلى مشهد المسيحات شمالي منبج، أنوار عظيمة، وصارت الأنوار تنتقل من قبر بعضهم إلى قبر بعض، وتجتمع وتتراكم، ودام ذلك إلى ربع الليل، حتى انبهر لذلك أهل منبج، وكتب ماضيهم بذلك محضراً وجهزه إلى دار العدل بحلب، ثم أخبرني القاضي بمشاهدة ذلك أكابر وأعيان من أهل منبج أيضاً، وهؤلاء السادة هم خفراء الشام، ونرجوا من الله تعالى ارتفاع هذا الوباء الذي كاد يفني العالم ببركتهم، إن شاء الله تعالى. قلت:
اشفعوا يا رجال منبج فينا ... لارتفاع الوباء عن البلدان
نزل النور في الظلام عليكم ... إن هذا يزيذ في الأيمان
وفيها في ذي الحجة، بلغنا وفاة القاضي شهاب الدين أحمد بن فضل الله العمري بدمشق، بالطاعون، منزلته في الإنشاء معروفه، وفضيلته في النظم والنثر موصوفه، كتب السر للسلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون بالقاهرة، بعد أبيه محي الدين، ثم عزل بأخيه القاضي علاء الدين، وكتب السر بدمشق، ثم عزل وتفرغ للتأليف والتصنيف، حتى مات عن نعمة وافرة، دخل رحمه الله قبل وفاته بمدة معرة النعمان، فنزل بالمدرسة التي أنشأتها، ففرح لي بها، وأنشد فيها ببتين أرسلهما إلى بخطه وهما:
وفي بلد المعرة دار علم ... بني الوردي منها كل مجد
هي الوردية الحلواء حسناً ... وماء البئر منها ماء ورد
فأجبته بقولي:
أمولانا شهاب الدين إني ... حمدت الله إذ بك تم مجدي
جميع الناس عندكم نزول ... وأنت جبرتني ونزلت عندي
قد تم بعون الله تعالى تاريخ العلامة الملك المؤيد إسماعيل أبي الفداء.