للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهاب الدين، وبقي بين القتلى. ثم اجتمعت عليه أصحابه وحملوه إلى مدينة آجر، واجتمعت عليه عساكره، وأقام شهاب الدين في آجر حتى آتاه المدد من أخيه غياث الدين. ثم اجتمعت الهنود، وتنازل الجمعان، وبينهما نهر، فكبس عساكر المسلمين الهنود، وتمت الهزيمة عليهم، وقتل المسلمون من الهنود ما يفوق الحصر، وقتلت ملكتهم، وتمكن شهاب الدين بعد هذه الوقعة من بلاد الهند، وأقطع مملوكه قطب الدين أيبك مدينة دهلي، وهي من كراسي ممالك الهند، فأرسل أيبك عسكراً مع مقدم يقال له محمد بن بختيار، فملكوا من الهند مواضع ما وصلها مسلم قبله، حتى قاربوا جهة الصين.

ذكر وفاة صاحب ماردين في هذه السنة توفي حسام الدين تمرتاش بن أيلغازي، صاحب ماردين وميافارقين، وكانت ولايته نيفاً وثلاثين سنة، لأنه ولي بعد موت أبيه في سنة ست عشرة وخمسمائة حسبما تقدم ذكره، وتولى بعده ابنه نجم الدين البلي بن تمرتاش بن أيلغازي بن أرتق.

ثم دخلت سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.

ذكر أخبار الغز

[وهزيمة السلطان سنجر منهم، وأسره:]

في هذه السنة في المحرم، انهزم السلطان سنجر من الأتراك الغز، وهم طائفة من الترك، وكانوا بما وراء النهر، فلما ملكه الخطا، أخرجوهم منه، فقصدوا خراسان، وكانوا كفاراً، وكان من أسلم منهم وخالط المسلمين، يصير ترجماناً بين الفريقين، حتى صار من أسلم منهم قيل عنه إنه صار ترجماناً، ثم قيل تركماناً بالكاف العجمية، وجمع على تراكمين، ثم أسلم الغز جميعهم، فقيل لهم تراكمين، ولما قدموا إلى خراسان أقاموا بنواحي بلخ مدة طويلة، ثم عن للأمير قماج مقطع بلخ، أن يخرجهم من بلاده، فامتنعوا، فسار قماج إليهم في عشرة آلاف فارس، فحضر إليه كبراء الغز، وسألوه أن يكف عنهم ويتركهم في مراعيهم، ويعطوه عن كل بيت مائتي درهم، فلم يجبهم إلى ذلك، وأصر على إخراجهم أو قتالهم، فاجتمعوا واقتتلوا، فانهزم قماج وتبعه الغز يقتلون ويأسرون، ثم عاثوا في البلاد، فاسترقوا النساء، والأطفال، وخربوا المدارس، وقتلوا الفقهاء، وعملوا كل عظيمة، ووصل قماج إلى السلطان سنجر منهزماً، وأعلمه بالحال، فجمع سنجر عساكره وسار إليهم في مائة ألف فارس، فأرسل الغز يعتذرون إليه مما وقع منهم، وبذلوا له بذلاً كثيراً ليكف عنهم، فلم يجبهم وقصدهم، ووقعت بينهم حرب شديدة، فانهزمت عساكر سنجر، وتبعه الغز يقتلون فيهم ويأسرون، فقتل علاء الدين قماج، وأسر السلطان سنجر، وأسر معه جماعة من الأمراء، فضربوا أعناقهم. وأما سنجر فلما أسروه اجتمع أمراء الغز وأقبلوا الأرض بين يديه وقالوا له: نحن عبيدك لا نخرج عن طاعتك. وبقي معهم كذلك شهرين

<<  <  ج: ص:  >  >>