فلما وصل إلى غزة، اندفع من كان بها من جهة الناصر بين يديه.
ذكر تخريب دمياط وفي هذه السنة، اتفق آراء أكابر الدولة، وهدموا سور دمياط، في العشر الأخير من شعبان هذه السنة، لما حصل للمسلمين عليها من الشدة مرة بعد أخرى، وبنوا مدينة بالقرب منها في البر، وسموها المنشية، وأسوار دمياط التي هدمت من عمارة المتوكل الخليفة العباسي.
ذكر القبض على الناصر داود وفي هذه السنة مستهل شعبان، قبض الناصر يوسف، صاحب دمشق وحلب، علي الناصر داود، الذي كان صاحب الكرك، وبعث به إلى حمص، فاعتقل بها، وذلك لأشياء بلغت الناصر يوسف عن المذكور، خاف منها.
مسير الملك الناصر يوسف إلى الديار المصرية
ذكر مسير السلطان الملك الناصر يوسف صاحب الشام إلى الديار المصرية وكسرته:
وفي هذه السنة سار الملك الناصر صلاح الدين يوسف ابن الملك العزيز، بعساكره من دمشق، وصحبته من ملوك أهل بيته، الصالح إسماعيل بن العادل بن أيوب، والأشرف موسى صاحب حمص، وهو حينئذ صاحب تل باشر والرحبة وتدمر والمعظم توران شاه ابن السلطان صلاح الدين، وأخو المعظم المذكور نصرة الدين، والأمجد حسن، والظاهر شاذي ابنا الناصر داود ابن الملك المعظم عيسى ابن العادل ابن أيوب، وتقي الدين عباس ابن الملك العادل بن أيوب، ومقدم الجيش شمس الدين لؤلؤ الأرمني، وإليه تدبير المملكة، فرحلوا من دمشق يوم الأحد منتصف رمضان من هذه السنة، ولما بلغ المصريين ذلك، اهتموا لقتاله ودفعه، وبرزوا إلى السائح وتركوا الأشرف المسمى بالسلطان بقلعة الجبل، وأفرج أيبك التركماني حينئذ عن ولدي الصالح إسماعيل، وهما المنصور إبراهيم، والملك السعيد عبد الملك، ابنا الصالح إسماعيل، وكانا معتقلين من حين استيلاء الملك الصالح أيوب على بعلبك، وخلع عليهما ليتوهم الناصر يوسف صاحب دمشق، من أبيهما الصالح إسماعيل، والتقى العسكران المصري والشامي بالقرب من العباسة، في يوم الخميس عاشر ذي العقدة من هذه السنة، فكانت الكسرة أولاً على عسكر مصر، فخامر جماعة من المماليك الترك العزيزية، على الملك الناصر صاحب دمشق، وثبت المعز أيبك التركماني في جماعة قليلة من البحرية، فانضاف جماعة من العزيزية مماليك والد الملك الناصر إلى أيبك التركماني، ولما انكسر المصريون وتبعتهم العساكر الشامية، ولم يشكوا في النصر، بقي الملك الناصر تحت السناجق السلطانية مع جماعة يسيرة من المتعممين لا يتحرك من موضعه، فحمل المعز التركماني بمن معه عليه، فولى الملك الناصر