حصناً، وبنى تحته ربضاً، وهو المعروف بحصن صنجيل، فخرج الملك أبو علي بن عمار صاحب طرابلس فأحرق الربض، ووقف صنجيل على بعض سقوفه المحرقة، فانخسف به، فمرض صنجيل، لعنه الله، من ذلك، وبقي عشرة أيام ومات وحمل إلى القدس ودفن فيها، ودام الحرب بين أهل طرابلس والفرنج خمس سنين، وظهر من صاحبها ابن عمار صبر عظيم، وقلت الأقوات بها، وافتقرت الأغنياء.
ثم دخلت سنة خمسمائة.
ذكر وفاة يوسف بن تاشفين في هذه السنة توفي أمير المسلمين يوسف بن تاشفين ملك الغرب والأندلس وكان حسن السيرة، وكان قد أرسل إلى بغداد فطلب التقليد من المستظهر خليفة بغداد، فأرسل إليه الخلع والتقليد، ويوسف المذكور هو الذي بنى مدينة مراكش، ولما مات يوسف ملك البلاد بعده ابنه علي بن يوسف بن تاشفين، وتلقب أيضاً بأمير المسلمين.
ذكر قتل فخر الدولة بن نظام الملك في هذه السنة قتل فخر الدولة أبو المظفر علي بن نظام الملك، يوم عاشوراء، وكان أكبر أولاد نظام الملك، وزّر لبركيارق، ثم لأخيه سنجر بن ملكشاه، وكان قد أصبح في يوم قتل صائماً بنيسابور. وقال لأصحابه: رأيت الليلة في المنام الحسين بن علي وهو يقول: عجل إلينا وليكن إفطارك عندنا، وقد اشتغل فكري ولا محيد عن قضاء الله تعالى. فقالوا الصواب أن لا تخرج اليوم، فأقام يومه يصلي ويقرأ القران، وتصدق بشيء كثير، وخرج العصر من الدار التي كان بها، يريد دار النساء، فسمع صياح متظلم شديد الحرقة، فأحضره وقال: ما حالك؟ فدفع رقعة، فبينما فخر الدولة يتأملها إذ ضربه بسكين فقتله. وأمسك الباطني وحمل إلى السلطان سنجر فقرره، فأقر على جماعة كذباً فقتل هو وتلك الجماعة.
ذكر ملك صدقة تكريت
في هذه السنة ملك سيف الدولة صدقة بن منصور بن دبيس بن مزيد قلعة تكريت، سلمها إليه كيقباذ بن هزارسب الديلمي، وكانت تكريت لبني مقن، برهة من الزمان، ثم خرجت عنهم وتنقلت في أيدي غيرهم، حتى صارت لأقسنقر صاحب حلب، ثم لكوهراتين ثم لمجد الملك البلاساني، فولى عليها كيقباذ المذكور، وبقيت في يده حتى سلمها في هذه السنة لصدقة المذكور.
ذكر ملك جاولي الموصلي
[وموت جكرمش وقليج أرسلان]
في هذه السنة أقطع السلطان محمد جاولي، سقاوة الموصل، والأعمال التي بيد جكرمش فسار، جاولي حتى قارب الموصل فخرج جكرمش لقتاله في محفة، لأنه كان قد