وفي هذه السنة اتفق زين الدين كتبغا والشجاعي، على القبض على شمس الدين محمد بن السلعوس وزير السلطان الملك الأشرف، فقبضا عليه، وتولاه الشجاعي فعاقبه واستصفى ماله وقتله، وكان ابن السلعوس المذكور، قد بلغ عند السلطان منزلة عظيمة، وتمكن في الدولة، وصارت الأمور كلها معذوقة به، وكان لابن السلعوس المذكور أقارب وأهل بدمشق، فلما صار في هذه المنزلة، أرسل وأحضر أقاربه من دمشق إلى عنده بالديار المصرية، فحضروا إلا شخصاً منهم، فإنه استمر مقيماً بدمشق، وكتب إلى ابن السلعوس:
تنبه يا وزير الأرض واعلم ... بأنك قد وطئت على الأفاعي
وكن بالله معتصماً فإني ... أخاف عليك من نهش الشجاعي
[ذكر قتل الشجاعي]
وفي صفر من هذه السنة، حصلت الوحشة بين الأمير زين الدين كتبغا نائب السلطنة، وبين علم الدين سنجر الشجاعي الوزير، وصار مع كل منهما جماعة من الأمراء، ولما جرى ذلك، نزل كتبغا ومن معه من القلعة، واستمر الشجاعي وأصحابه بها، وحصره كتبغا، وغلب عليه، وقتل الشجاعي المذكور وقطع رأسه، وطيف به في البلد.
وفيها ظهر حسام الدين لاجين، وشمس الدين قراسنقر من الاستتار، وأخذ لهما خوشداشهما، الأمير زين الدين كتبغا، الأمان من السلطان، وقرر لهما الإقطاعات الجليلة، وأعز جانبهما.
ثم دخلت سنة أربع وتسعين وستمائة.
[ذكر استيلاء زين الدين كتبغا على المملكة]
في هذه السنة في يوم الأربعاء تاسع المحرم، جلس الأمير زين الدين كتبغا المنصوري على سرير المملكة، ولقب نفسه الملك العادل زين الدين كتبغا، واستحلف الناس على ذلك، وخطب له بمصر والشام، ونقشت السكة باسمه، وجعل مولانا السلطان الملك الناصر في قاعة بقلعة الجبل، وحجب عنه الناس، ولما تملك زين الدين كتبغا المذكور، جعل نائبه في السلطنة، حسام الدين لاجين، الذي كان مستتراً بسبب قتل السلطان الملك الأشرف، على ما تقدم ذكره، واستقر الحال على ذلك.
[ذكر قتل كيختو ملك التتر وملك بيدو]
في هذه السنة، في ربيع الآخر، قتل كيختو بن أبغا بن هولاكو بن طلو بن جنكزخان. وسبب ذلك: أنه لما أفحش كيختو المذكور بالفسق في أبناء المغل، وشكوا ذلك إلى ابن عمه بيدو بن طرغية بن هولاكو، فاتفق معهم على قتل كيختو المذكور،