للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها بنى الحجاج مدينة واسط.

ثم دخلت سنة أربع وثمانين وسنة خمس وثمانين، فيها أعني سنة خمس وثمانين، توفي عبد العزيز بن مروان بمصر. ثم دخلت سنة كست وثمانين.

وفاة عبد الملك بن مروان وفي منتصف شوال، من هذه السنة، توفي عبد الملك بن مروان وعمره ستون سنة، وكانت مدة خلافته، منذ قتل ابن الزبير، واجتمع له الناس، ثلاث عشرة سنة وأربعة أشهر، تنقص سبع ليال، وكان شديد البخر، وكنّي لذلك بأبي الذبّان، وكان يلقب لبخله برشح الحجر، وكان حازماً، عاقلاً، فقيهاً، عالماً، وكان ديناً، فلما تولى الخلافة استهوته الدنيا، فتغير عن ذلك، وفيه يقول الحسن البصري، ماذا أقول في رجل، الحجاج سيئة من سيئاته.

[ولاية الوليد بن عبد الملك]

وهو سادس خلفائهم، لما توفي عبد الملك، بويع الوليد بالخلافة، في منتصف شوال من هذه السنة، أعني سنة ست وثمانين، بعهد من أبيه إِليه، وكان مغرماً بالبناء، واستوثقت له الأمور، وفتحت في أيامه الفتوحات الكثيرة، من ذلك جزيرة الأندلس، وما وراء النهر، وولى الحجاج خراسان مع العراقين، فتغلغل في بلاد الترك، وتغلغل مسلمة بن عبد الملك في بلاد الروم، ففتح وسبى، وفتح محمد بن القاسم الثقفي بلاد الهند.

وفي هذه السنة أعني سنة ست وثمانين، ولى الوليد ابن عمه، عمر بن عبد العزيز المدينة، فقدم إِليها ونزل في دار جده مروان، ودعا عشرة من فقهاء المدينة، وهم عروة بن الزبير بن العوام، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وأبو بكر ابن عبد الرحمن، وأبو بكر بن سليمان، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عامر بن ربيعة، وخارجة بن زيد.

فقال لهم عمر بن عبد العزيز: أريد أن لا أقطع أمراً إِلا برأيكم، فما علمتموه من تعدي عامل، أو من ظلامة، فعرفوني به، فجزوه خيراً.

ثم دخلت سنة سبع وثمانين وسنة ثمان وثمانين فيها كتب الوليد إِلى عمر بن عبد العزيز يأمره بهدم مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهدم بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يدخل البيوت في المسجد، بحيث تصير مساحة المسجد مائتي ذراع، في مائتي ذراع، وأن يضع أثمان البيوت في بيت المال، فأجابه أهل المدينة إِلى ذلك، وقدمت الفعلة والصناع من عند الوليد، لعمارة المسجد، وتجرد لذلك عمر بن عبد العزيز.

وفي هذه السنة أيضاً أعني سنة ثمان وثمانين، أمر الوليد ببناء جامع دمشق فأنفق عليه أموالاً عظيمة، تجل عن الوصف.

ثم دخلت سنة تسع وثمانين وما بعدها حتى دخلت سنة ثلاث وتسعين، فيها عزل الوليد عمر بن عبد العزيز عن المدينة.

ثم دخلت سنة أربع وتسعين، فيها قتل الحجاج سعيد بن جبير، بسبب أن سعيداً كان خلع الحجاج، وصار مع عبد الرحمن بن

<<  <  ج: ص:  >  >>