للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر السنة الحمراء]

فيها جدبت الأرض بالشام، من دمشق إلى حلب، وانحبس القطر، ولم ينبت شيء من الزراعات إلا القليل النادر، واستسقى الناس في هذه البلاد، فلم يسقوا، وأما السواحل التي من طرابلس إلى اللاذقية وجبل اللكام، فإن الأمطار مازالت تقع في هذه النواحي فاستوت زراعاتهم.

وفيها مات قاضي القضاة الشافعي بدمشق المعروف بابن صقر وهو نجم الدين أحمد، وولى مكانه جمال الدين المعروف بالزرعي. وفيها عزل السلطان كريم الدين بن عبد الكريم عن منصبه، واستعاد منه ما كان عنده من الأموال، وأرسله إلى الشوبك، فأقام بها، وولى مكانه أمين الملك عبد الله. وفيها رسم السلطان لمؤلف الأصل أن لا يرسل قوده، نظراً في حاله، بسبب محل البلاد، فأرسلت عدة يسيرة من الخيل التي كنت حصلتها، فتصدق علي بتشريف كامل على عادتي، وستين قطعة إسكندري، وخمسين ألف درهم، وألف مكوك حنطة. وفيهما حضرت رسل أبي سعيد ملك التتر، ورسل نائبه جوبان، وتوجهوا إلى الأبواب الشريفة بالقاهرة، ثم عادوا إلى بلادهم.

وفيها وصلت الملكة بنت أبغا؛ واسمها قطلو؛ وفي خدمتها عدة كثيرة من التتر، وتوجهت إلى الحج ورسم السلطان ورتب لها في الطرقات الإقامات الوافرة.

ثم دخلت سنة أربع وعشرين وسبعمائة فيها تقدم السلطان بإبطال المكوس والضرائب عن سائر أصناف الغلة بجميع الشام فأبطل، وكان ذلك جملة تخرج عن الإحصاء.

[ذكر المتجددات في بلاد الروم]

كان ببلاد الروم تمرتاش بن جوبان، فاستولى عليها، واستكثر من المماليك، قطع ما كان يحمل منها إلى الأردو والخواتين، وصار كلما جاءه رسول لطلب المال يهينه، ويعيده بغير زبدة، فلما كثر ذلك منه، سار إليه أبوه جوبان، فعزم تمرتاش على شال أبيه، واتفق في عسكره ومماليكه، فلما قرب جوبان منه، فارقه عسكره وصاروا مع جوبان، فلما رأى تمرتاش ذلك، حضر مستسلماً إلى أبيه جوبان، فتقدم جوبان بإمساكه وأخذه معه معتقلاً إلى الأردو، وذلك بعد أن أقام ببلاد الروم شخصاً من التتر موضع تمرتاش.

[ذكر المتجددات باليمن]

في هذه السنة، لم يبق، في يد الملك المجاهد علي بن داود غير حصن تعز، خرج باقي ملك اليمن عنه، وصار بيد ابن عمه صاحب الدملوة، وتلقب بالملك الظاهر. وفيها نزل الأمير مهنا ابن عيسى بظاهر سلمية من بلاد حمص، عند تل أعدا، وكان له ما يزيد عن عشر سنين لم ينزل بأهله هناك، وكان الأمر والنهي إليه في العرب، وخبز الإمرة لأخيه

<<  <  ج: ص:  >  >>