للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرح المفصل شرحاً مستوفى ليس في الشروح مثله، وله غير ذلك، وولد في رمضان سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة بحلب، وتوفي بها في التاريخ المذكور، ودفن بالمقام.

ثم دخلت سنة أربع وأربعين وستمائة.

ذكر كسرة الخوارزمية

[على القصب واستيلاء الصالح أيوب على بعلبك:]

كنا قد ذكرنا اتفاق الخوارزمية مع الصالح إسماعيل والناصر داود، ومحاصرتهم دمشق، وبها حسام الدين بن أبي علي، ولما وقع ذلك، اتفق الحلبيون والملك المنصور إبراهيم صاحب حمص، وصاروا مع الملك الصالح أيوب ابن الملك الكامل، وقصدوا الخوارزمية، فرحلت الخوارزمية عن دمشق، وساروا إلى نحو الحلبيين وصاحب حمص، والتقوا على القصب في هذه السنة، فانهزمت الخوارزمية هزيمة قبيحة، تشتت شملهم بعدها، وقتل مقدمهم حسام الدين بركة خان، وحمل رأسه إلى حلب، ومضت طائفة من الخوارزميين مع مقدمهم كشلوخان الخوارزمي، فلحقوا بالتتر وصاروا معهم، وانقطع منهم جماعة وتفرقوا في الشام، وخدموا به، وكفا الله الناس شرهم.

ولما وصل خبر كسرتهم إلى الملك الصالح أيوب بديار مصر، فرح فرحاً عظيماً، ودقت البشائر بمصر، وزال ما كان عنده من الغيظ على إبراهيم صاحب حمص، وحصل بينهما التصافي بسبب ذلك، وأما الصالح إسماعيل فإنه سار إلى الملك الناصر يوسف صاحب حلب واستجار به، وأرسل الصالح أيوب يطلبه فلم يسلمه الملك الناصر إليه، ولما جرى ذلك، رحل حسام الدين بن أبي علي الهذباني بمن عنده من العسكر بدمشق، ونازل بعلبك وبها أولاد الصالح إسماعيل وحاصرها، وتسلمها بالأمان، وحمل أولاد الصالح إسماعيل إلى الملك الصالح أيوب بديار مصر، فاعتقلوا هناك، وكذلك بعث بأمين الدولة وزير الملك الصالح إسماعيل، وأستاذ داره ناصر الدين يغمور، فاعتقلا بمصر أيضاً، وزينت القاهرة ومصر، ودقت البشائر بهما لفتح بعلبك، واتفق في هذه الأيام وفاة صاحب عجلون، وهو سيف الدين بن قليج،: فتسلم الملك الصالح أيوب عجلون أيضاً، ولما جرى ما ذكرناه أرسل الملك الصالح أيوب عسكراً مع الأمير فخر الدين يوسف ابن الشيخ، وكان فخر الدين ابن الشيخ قد اعتقله الملك العادل أبو بكر ابن الملك الكامل، ثم لما ملك الملك الصالح أيوب مصر أفرج عنه، وأمره بملازمة بيته، فلازمه مدة، ثم قدمه في هذه السنة على العسكر، وجهزه إلى حرب الملك الناصر داود صاحب الكرك، فسار فخر الدين المذكور واستولى على جميع بلاد الملك الناصر، وولي عليها وسار إلى الكرك وحاصرها، وخرب ضياعها، وضعف الملك الناصر ضعفاً بالغاً، ولم يبق بيده غير الكرك وحدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>