تعالى، وأقام العسكر المجرد عند أبي الغيث بمكة خوفاً من معاودة حميضة، ثم إن أبا الغيث أعطى العسكر دستوراً بعد إقامتهم بنحو شهرين، فعادوا إلى الديار المصرية.
وفيها اجتمع جماعة من بني لام، من عربان الحجاز، وقصدوا قطع الطريق على سوقة الركب، الذين يلاقونهم من البلاد إلى تبوك عند عود الحاج، وساروا إلى ذات حج واتقعوا مع السرقة، فقتل من السوقية تقدير عشرين نفساً، وأكثر. ثم انتصروا على بني لام وهزموهم، وأخذوا منهم تقدير ثمانين هجيناً، وعادت بنولام بخفي حنين.
ثم دخلت سنة أربع عشرة وسبعمائة فيها وصلت إلى حماة، عائداً من الحجاز الشريف، في حادي عشر المحرم.
وفيها في أواخر جمادى الآخرة، حصل لي مرض حاد، أيقنت منه بالموت، ووصيت وتأهبت لذلك، ثم إن الله تعالى تصدق علي بالعافية.
وفيها جردت العساكر إلى حلب، فجردت جميع عسكر حماة، أقمت بسبب التشويش. وفيها في رجب، توفي الأمير سيف الدين سودي نائب السلطنة بحلب، فولى السلطان نيابة السلطنة بحلب، الأمير علاء الدين الطنبغا الحاجب، ووصل إلى حلب واستقر بها نائباً بموضع سودي، في أوائل شعبان من هذه السنة.
وفيها في ذي الحجة، جمع حميضة بن أبي نمي وقصد أخاه أبا الغيث بن أبي نمي صاحب مكة، وكان أبو الغيث منتظراً وصول الحجاج ليعتضد بهم، فابتدره حميضة قبل وصول الحجاج، واقتتل معه، فانتصر حميضة وأمسك أخاه أبا الغيث وذبحه، ثم هرب حميضة لقرب الحجاج منه، فلما قضى الحجاج مناسكهم وعادوا إلى البلاد، عاد حميضة إلى مكة، واستولى عليها.
ثم دخلت سنة خمس عشرة وسبعمائة.
[ذكر فتوح ملطية]
في هذه السنة في يوم الأحد، الثاني والعشرين من المحرم، فتحت ملطية وسبب ذلك أن المسلمين الذين كانوا بها، اختلطوا بالنصارى، حتى أنهم زوجوا الرجل النصراني بالمسلمة، وكانوا يعدون الإقامة بالتتر ويعرفونهم بأخبار المسلمين، وكانت الأجناد والرجالة الذين بالحصون مثل قلعة الروم وبهنسا وكختا وكركر وغيرها، لا ينقطعون عن الإغارة على بلاد العدو، مثل بلاد الروم وغيرها، وكانت طريقهم في غالب الأوقات تكون قريب ملطية، فاتفق أن أهل ملطية ظفروا ببعض الغياره المذكورين، فأسروهم وقتلوا جماعة من المسلمين، فلما جرى ذلك، أرسل السلطان عسكراً ضخماً من الديار المصرية مع الأمير سيف الدين بكتمر الأبوبكري، ومع سيف الدين قلي، وسيف الدين أوول تمر، فساروا إلى دمشق، ورسم السلطان لجميع عساكر الشام المسير معهم، وجعل مقدماً على الكل الأمير سيف الدين تنكز الناصري نائب السلطنة بدمشق، وتقدمت مراسم السلطان إلي أولاً، بأن أجهز عسكر حماة صحبتهم وأن أقيم أنا بمفردي بحماة، ثم رأى