السيفي تنكيز، فأمسك عثمان المذكور من بلاد عجلون، وأرسله إلي معتقلاً إلى حماة، فضربت عنقه في سوق الخيل بحضرة العسكر، في يوم الاثنين رابع عشر شعبان سنة ست عشرة وسبعمائة.
وفيها لما وصل قازان بجموع المغل إلى الشام، طمع الأرمن في البلاد التي افتتحها المسلمون منهم، وعجز المسلمون عن حفظها، فتركها الذين بها من العسكر والرجالة وأخلوها، فاستولى الأرمن عليها، وارتجعوا حموص، وتل حمدون، وكوير، وسرفند كار، والنقير، وغيرها، ولم يبق مع المسلمين من جميع تلك القلاع غير قلعة حجر شغلان، واستولى الأرمن على غيرها من الحصون والبلاد التي كانت جنوبي نهر جيحان.
وفيها أو في السنة التي قبلها، لما ملك دندين بلاد الأرمن، أفرج عن أخيه هيتوم بن ليفون، وجعله الملك، وصار دندين بين يديه، وكان هيتوم قد بقي أعور من حين سمله أخوه سنباط، على ما قدمنا ذكره، واستمر هيتوم ودندين على ذلك مدة يسيرة، ثم غدر هيتوم بدندين وجازاه أقبح جزاء، وأراد القبض عليه، فهرب دندين إلى جهة قسطنطينية، واستقر هيتوم في مملكة سيس، ولما استقر هيتوم في مالك سير، كان لأخيه تروس الذي قتله أخوه سنباط على ما ذكرناه، ولد صغير، فأقام هيتوم المذكور، الصغير ذلك ابن تروس في الملك، وجعل هيتوم نفسه أتابكاً لذلك الصغير، وبقي كذلك حتى قتلهما برلغي مقدم المغل الذين ببلاد الروم، على ما سنذكره إن شاء الله تعالى.
ثم دخلت سنة سبعمائة.
ذكر مسير التتر إلى الشام
ومسير السلطان والعساكر الإسلامية إلى العوجا، ورجوعهم:
في هذه السنة عادت التتر قصد الشام، وعبروا الفرات في ربيع الآخر، وجفلت المسلمون منهم وخلت بلاد حلب، وسار قراسنقر بعسكر حلب إلى حماة، وبرز زين الدين كتبغا عساكر حماة إلى ظاهر حماة، في الثاني والعشرين من ربيع الآخر من هذه السنة، وسادس كانون الأول، وكذلك وصلت العساكر من دمشق واجتمعوا حماة، وأقامت التتر ببلاد سرمين، والمعرة، وتيزين، والعمق، وغيرها، ينهبون يقتلون، وسار السلطان بالعساكر الإسلامية ووصل إلى العوجا، واتفق في تلك المدة تدارك الأمطار إلى الغاية، واشتدت الوحول حتى انقطعت الطرقات، وتعذرت الأقوات، وعجزت العساكر عن المقام عن تلك الحال، فرحل السلطان والعساكر وعادوا إلى الديار المصرية. فوصل إليها في عاشر جمادى الأولى من هذه السنة، وأما التتر فانهم أقاموا يتنقلون في بلاد حلب نحو ثلاثة أشهر، ثم إن الله تعالى تدارك المسلمين بلطفه، ورد التتر على أعقابهم بقدرته، فعادوا إلى بلادهم وعبروا الفرات، أواخر جمادى الآخرة من هذه السنة، الموافق