ومن العجائب أنه لا يشترى ... ويخان فيه مع الكساد ويسرق
ثم دخلت سنة خمس وعشرين وخمسمائة.
فيها أسر دبيس بن صدقة وسبب ذلك مسيره من العراق إلى صرخد، لأن صرخد كان صاحبها خصياً، وكانت له سرية، فتوفي الخصي في هذه السنة، واستولت سريته على قلعة صرخد وما فيها، وعلمت أنه لا يتم لها ذلك إن لم تتصل برجل يحميها، فأرسلت إلى دبيس ابن صدقة تستدعيه للتزوج به، وتسلم إليه صرخد وما فيها من مال وغيره.
فسار دبيس من العراق إليها، فضل به الأدلاء بنواحي دمشق، فنزل بناس من كلب كانوا شرقي الغوطة، فأخذوه وحملوه إلى تاج الملوك توري بن طغتكين صاحب دمشق، في شعبان من هذه السنة، فحبسه توري، وسمع عماد الدين زنكي بأسر دبيس، فأرسل إلى توري يطلبه، ويبذل له إطلاق ولده سونج ومن معه من الأمراء الذين غدر بهم زنكي وقبضهم. كما تقدم ذكره.
فأجاب توري إلى ذلك، وأفرج زنكي عن المذكورين، وتسلم دبيس، فأيقن دبيس بالهلاك، لأنه كان كثير الوقيعة في عماد الدين زنكي، ففعل معه الزنكي بخلاف ما كان يظن، وأحسن إلى دبيس، وحمل إليه الأموال والسلاح والدواب، وقدمه على نفسه، ولم يزل دبيس مع عماد الدين زنكي حتى انحدر معه إلى العراق على ما سنذكره إن شاء الله تعالى، وسمع الخليفة المسترشد بقبض دبيس، فأرسل يطلبه مع سديد الدولة ابن الأنباري، وأبي بكر بن بشر الجزري. فأمسكهما عماد الدين زنكي، وسجن ابن الأنباري، ووقع منه في حق ابن بشر مكروه قوي، ثم شفع المسترشد في ابن الأنباري فأطلقه.
ذكر وفاة السلطان محمود وملك ابنه داود في هذه السنة في شوال، توفي السلطان محمود بن محمد بن ملكشاه بن ألب أرسلان بن داود ابن ميكائيل بن سلجوق بهمدان. فأقعد وزيره أبو القاسم النساباذي. ابنه داود بن محمود في السلطنة، وصار أتابكه أقسنقر الأحمديلي. وكان عمر السلطان محمود لما توفي، نحو سبع وعشرين سنة، وكانت ولايته السلطنة اثنتي عشرة سنة وتسعة أشهر وعشرين يوماً، وكان حليماً عاقلاً يسمع المكروه ولا يعاقب عليه، مع قدرته عليه.
[ذكر غير ذلك]
في هذه السنة وثب الباطنية على تاج الملوك توري بن طغتكين صاحب دمشق. فجرحوه جرحين، برئ أحدهما وبقي الآخر ينسر عليه، إلا أنه يجلس للناس ويركب على ضعف فيه. وفيها توفي حماد بن مسلم الرحبي الرياشي الزاهد المشهور، صاحب الكرامات، وسمع الحديث، وله أصحاب وتلاميذ كثيرة، وكان أبو الفرج ابن الجوزي يذمه ويثلبه.
ثم دخلت سنة ست وعشرين وخمسمائة فيها قتل أبو علي بن الفضل بن بدر الجمالي، وزير الحافظ لدين الله العلوي. وكان أبو علي المذكور قد حجر على الحافظ، وقطع