المسترشد يوم الأحد سابع عشر ذي القعدة بظاهر مراغة، وكان عمره لما قتل ثلاثاً وأربعين سنة وثلاثة أشهر، وكانت خلافته سبع عشرة سنة وستة أشهر وعشرين يوماً. وأمه أم ولد، وكان فصيحاً حسن الخط شهماً.
ذكر خلافة الراشد وهو الثلاثون من خلفاء بني العباس
لما قتل المسترشد بالله، بويع ابنه الراشد بالله أبو جعفر المنصور بن المسترشد فضل بن المستظهر أحمد، وكان أبوه قد بايع له بولاية العهد في حياته، ثم بعد قتله جددت له بيعة في يوم الاثنين السابع والعشرين من ذي القعدة، من هذه السنة، وكتب مسعود إلى بغداد بذلك، فحضر بيعته أحد وعشرين رجلاً من أولاد الخلفاء.
ذكر قتل دبيس في هذه السنة قتل السلطان مسعود، دبيس بن صدقة على باب سرداقه، بظاهر مدينة خوى، أمر غلاماً أرمنياً بقتله، فوقف على رأس دبيس وهو ينكث في الأرض بإصبعه، فضرب رقبته وهو لا يشعر، وكان ابنه صدقة بن دبيس بالجيلة، فلما بلغه الخبر، اجتمع عليه عسكر أبيه، وكثر جمعه، وما أكثر ما يتفق قرب موت المتعاديين فإن دبيساً كان يعادي المسترشد بالله، فاتفق قتل أحدهما عقيب قتل الآخر.
ذكر غير ذلك: في هذه السنة استولى الفرنج على جزيرة جربة، من أعمال إفريقية، وهرب وأسر من كان بها من المسلمين.
وفيها صالح المستنصر بن هود الفرنج على تسليم حصن زوطة من بلاد الأندلس، وسلمه إلى صاحب طليطلة الفرنجي.
ثم دخلت سنة ثلاثين وخمسمائة.
ذكر ملك شهاب الدين حمص في هذه السنة في الثاني والعشرين من ربيع الأول، تسلم شهاب الدين محمود بن توري صاحب دمشق مدينة حمص وقلعتها، وسبب ذلك أن أصحابها أولاد الأمير قيرخان بن قراجا، والوالي بها من قبلهم، ضجروا من كثرة تعرض عماد الدين زنكي إليها وإلى أعمالها، فراسلوا شهاب الدين في أن يسلموها إليه، ويعطيهم عوضها تدمر، فأجابهم إلى ذلك وتسلم حمص، وأقطعها المملوك جده معين الدين أنز، وسلم إليهم تدمر. فلما رأى عسكر زنكي بحلب وحماة خروج حمص إلى صاحب دمشق، تابعوا الغارات على بلدها، فأرسل شهاب الدين محمود إلى عماد الدين زنكي في الصلح، فاستقر بينهما، وكف عسكر عماد الدين عن حمص.