أطمعا خربندا أنه ربما يسلم إليه النائب بالرحبة قلعة الرحبة، وهو بدر الدين بن أركشي الكردي، لأن الأفرم هو الذي كان قد سعى للمذكور في نيابة السلطنة بالرحبة، وأخذ له إمرة الطبلخاناه، فطمع الأفرم بسبب تقدم إحسانه إلى المذكور أن يسلم إليه الرحبة، وحفظ المذكور دينه، وما في عنقه من الإيمان للسلطان، وقام بحفظ القلعة أحسن قيام، وصبر على الحصار، وقاتل أشد قتال، ولما طال مقام خربندا على الرحبة بجموعه، وقع في عسكره الغلاء والفناء، وتعذرت عليه الأقوات، وكثرت منه المقفزون إلى الطاعة الشريفة، وضجروا من الحصار، ولم ينالوا شيئاً، ولا وجد خربندا لما أطمعه به قراسنقر والأفرم صحة، فرحل خربندا عن الرحبة راجعاً على عقبه، في السادس والعشرين من رمضان من هذه السنة، بعد حصار نحو شهر، وتركوا المجانيق وآلات الحصار على حالها، فنزلت أهل الرحبة واستولوا عليها ونقلوها إلى الرحبة، ولما جرى ذلك، رحل سودي وعسكر حلب من حماة وعادوا إلى حلب، واستمر بهادراص ومن معه من عسكر دمشق مقيماً بحماة مدة، ثم ورد لهم الدستور، فساروا إلى دمشق.
ذكر مسير السلطان بالعساكر الإسلامية إلى الشام
ثم توجهه إلى الحجاز:
في هذه السنة سار مولانا السلطان بالعساكر الإسلامية من ديار مصر، وكان مسيره بسبب نزول التتر على الرحبة حسبما ذكرنا، ووصل إلى دمشق يوم الثلاثاء الثالث والعشرين من شوال من هذه السنة، أعني سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، بعد رحيل العدو عن الرحبة وعودهم على أعقابهم، فلما لم يبق في البلاد عدو، عزم على الحجاز الشريف لأداء حجة الفرض، فرتب العساكر بالشام، وأمر بعضهم بالمقام باللجون وسواحل عكا وقاقون، وجرد بعضهم على حمى حمص، وترك نائب السلطنة المقر السيفي أرغون، ونائب السلطنة بالشام الأمير سيف الدين تنكز، مقيمين بدمشق، وعندهما باقي العساكر، واستجار السلطان بالله تعالى وخرج من دمشق متوجهاً إلى الحجاز الشريف، في يوم الخميس الثاني من ذي القعدة الموافق لأول آذار، وأتم المسير ووصل إلى عرفات، وأكمل مناسك الحج، وعاد مسرعاً فوصل إلى الكرك سلخ هذه السنة، ثم كان ما سنذكره إن شاء الله تعالى.
وفيها ولد ولدى محمد بن إسماعيل بن علي بن محمود بن محمد بن عمر ابن شاهنشا بن أيوب، وكانت ولادته في إقامة الساعة الثانية من نهار الخميس، مستهل رجب، الفرد من هذه السنة، أعني سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، الموافق الثاني يوم من تشرين الثاني من شهور الروم.
وفيها انخسف القمر مرتين، مرة في صفر، ومرة في شعبان.
وفيها كانت الأمطار قليلة حتى خرج فصل الشتاء، ثم تدارك الأمطار