للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشهوراً، وعمره نحو ستين سنة، وكان مفرط السخاء يطلق الأموال الجليلة النفيسة، وكان ميمون النقيبة، لم تنهزم له راية، وكان سعيداً، ويتفق له أشياء خارقة للعقل، وكان حسن العقيدة، وبنى بدمشق قصوراً ومنتزهات حسنة، وكان منهمكاً في اللذات وسماع الأغاني فلما مرض أقلع عن ذلك، وأقبل على الاستغفار إلى أن توفي، ودفن في تربته بجانب الجامع، ولم يخلف من الأولاد إلا بنتاً واحدة، توجها الملك الجواد يونس بن مودود ابن الملك العادل.

وكان سبب الوحشة بينه وبين أخيه الملك الكامل بعد ما كان بينهما من المصافات، أن الملك الأشرف لم يبق بيده غير دمشق وبلادها وكانت لا تفي بما يحتاجه وما يبذله وقت أخيه الملك الكامل إلى دمشق، وأيضاً لما فتح الملك الكامل آمد وبلادها لم يزده منها شيئاً، وأيضاً بلغه أن الملك الكامل يريد أن ينفرد بمصر والشام، وينتزع دمشق منه، فتغير بسبب ذلك، ولما استقر الملك الصالح إسماعيل في ملك دمشق، كتب إلى الملوك من أهله إلى كيخسرو صاحب بلاد الروم في اتفاقهم معه على أخيه الملك الكامل، فوافقوه على ذلك إلا الملك المظفر صاحب حماة، وأرسل الملك المظفر رسولاً إلى الملك الكامل يعرفه انتماءه إليه، أنه إنما وافق الملك الأشرف خوفاً منه، فقبل الملك الكامل عذره، وتحقق صدق ولائه ووعده بانتزاع سلمية من صاحب حمص وتسليمها إليه.

ذكر مسير السلطان الملك الكامل إلى دمشق واستيلائه عليها

[ووفاته، وما يتعلق بذلك:]

لما بلغ الملك الكامل وفاة أخيه الملك الأشرف، سار إلى دمشق ومعه الناصر داود صاحب الكرك، وهو لا يشك أن الملك الكامل يسلم إليه دمشق، لما كان قد تقرر بينهما، وأما الملك الصالح إسماعيل، فإنه استعد للحصار، ووصل إليه نجدة الحلبيين وصاحب حمص، ونازل الملك الكامل دمشق، وأخرج الملك الصالح إسماعيل النفاطين، فأحرق العقيبة جميعها وما بها من خانات وأسواق، وفي مدة حصار، وصل من عند صاحب حمص رجالة يزيدون على خمسين راجلاً، نجدة للصالح إسماعيل، وظفر بهم الملك الكامل، فشنقهم بين البساتين عن آخرهم، وحال نزول الملك الكامل على دمشق أرسل توقيعاً للملك المظفر صاحب حماة بسلمية، فتسلمها الملك المظفر واستقرت نوابه بها، وكان نزول الملك الكامل على دمشق في جمادى الأولى من هذه السنة، في قوة الشتاء.

ثم سلم الملك الصالح إسماعيل دمشق إلى أخيه الملك الكامل، وتعرض عنها بعلبك والبقاع، مضافاً إلى بصرى، وكان قد ورد من الخليفة المستنصر محي الدين يوسف ابن الشيخ جمال الدين ابن الجوزي، رسولاً للتوفيق بين الملوك، فتسلم الملك الكامل دمشق لإحدى عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى، وكان الملك الكامل شديد الحنق على شيركوه صاحب حمص،

<<  <  ج: ص:  >  >>