للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهم جماعة، ثم سار أبغا إلى الأردو، وصحبته معين الدين البرواناه، فلما استقر بالأردو، أمر بقتل البرواناه، فقتل، وقتلوا معه نيفاً وثلاثين نفساً من مماليكه وخواصه، واسم البرواناه المذكور، سليمان، والبرواناه لقب، وهو. الحاجب بالعجمي، وكان مقتله بالأطاغ، وكان البرواناه حازماً بتدبير المملكة، ذا مكر ودهاء.

وفي هذه السنة توفي الشهاب محمد بن يوسف بن زائدة التلعفري الشاعر. وفيها مات الشيخ خضر في حبس الملك الظاهر. وفيها عاد الملك الظاهر من عمق حارم وتوجه إلى دمشق.

ثم دخلت سنة ست وسبعين وستمائة فيها في خامس المحرم، وصل الملك الظاهر بيبرس إلى دمشق، ونزل بالقصر الأبلق، وكان قد رحل من عمق حارم في أواخر سنة خمس وسبعين.

[ذكر وفاة الملك الظاهر بيبرس]

فيها، في يوم الخميس، السابع والعشرين من المحرم، توفي السلطان الملك الظاهر أبو الفتح بيبرس، الصالحي النجمي بدمشق، وقت الزوال، رحمه الله تعالى، عقب وصوله من بلاد الروم إلى دمشق، على ما تقدم ذكره، وقد اختلف في سبب موته، فقيل إنه انكسف القمر كسوفاً كلياً، وشاع بين الناس أن ذلك سبب موت رجل جليل القدر، فأراد الملك الظاهر أن يصرف التأويل إلى غيره، فاستدعى بشخص من أولاد الملوك الأيوبية يقال له الملك القاهر، من ولد الملك الناصر داود بن المعظم عيسى، وأحضر قمزاً مسموماً، وأمر الساقي فسقى الملك القاهر المذكور، فشرب الملك الظاهر ناسياً بذلك النهاء على أثر شرب الملك القاهر، فمات الملك القاهر عقيب ذلك، وأما الملك الظاهر فحصلت له حمى محرقة، وتوفي في التاريخ المذكور، وكتم نائبه ومملوكه بدر الدين تتليك، المعروف بالخزندار، موته، وصبره وتركه في قلعة دمشق إلى أن استوت تربته بدمشق، قرب الجامع، فدفن فيها، وهي مشهورة معروفة، وارتحل بدر الدين تتليك بالعساكر ومعهم المحفة، مظهراً أن الملك الظاهر فيها، وأنه مريض، وسار إلى ديار مصر، وكان الملك الظاهر قد حلف العسكر لولده بركة بن بيبرس، ولقبه الملك السعيد، وجعله لي عهده، فوصل تتليك الخزندار بالخزائن والعسكر إلى الملك السعيد بقلعة جبل، وعند ذلك أظهر موت الملك الظاهر، وجلس ابنه الملك السعيد للعزاء، استقر في السلطنة، وكانت مدة مملكة الملك الظاهر نحو سبع عشرة سنة وشهرين عشرة أيام، لأنه ملك في سابع عشر ذي القعدة، سنة ثمان وخمسين وستمائة، توفي في السابع والعشرين من محرم، من سنة ست وسبعين وستمائة، وكان ملكاً جليلاً شجاعاً عاقلاً مهيباً، ملك الديار المصرية والشام، وأرسل جيشاً فاستولوا على النوبة، وفتح الفتوحات الجليلة، مثل صفد، وحصن الأكراد، وأنطاكية، وغيرها على، ما تقدم ذكره. وأصله مملوك قبجاقي الجنس، وسمعت أنه برجعلي، وكان أسمر أزرق العينين، جهوري الصوت، حضر هو ومملوك آخر مع تاجر

<<  <  ج: ص:  >  >>