شيئاً كثيراً، ونهبت وطاقات الخوارزمية ونساؤهم أيضاً، ونزل الملك المنصور إبراهيم في خيمة الملك المظفر غازي، واحتوى على خزانته ووطاقه، ووصل عسكر حلب وصاحب حمص إلى حلب، في مستهل جمادى الأولى مؤيدين منصورين.
ذكر وفاة الملكة ضيفة خاتون صاحبة حلب
[وهي والدة الملك العزيز:]
وفي هذه السنة، في ليلة الجمعة لإحدى عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى توفيت ضيفة خاتون بنت الملك خاتون بنت الملك العادل أبي بكر أيوب وكان مرضها قرحة في مراق البطن، وحمى، ودفنت بقلعة حلب، وكان مولدها سنة إحدى أو اثنتين وثمانين وخمسمائة بقلعة حلب، حين كانت حلب لأبيها الملك العادل قبل أن ينتزعها منه أخوه السلطان صلاح الدين، ويعطيها ابنه الظاهر غازي، فاتفق مولدها ووفاتها بقلعة حلب، ولما ولدت كان عند أبيها الملك العادل ضيف، فسماها ضيفة، فكانت مدة عمرها نحو تسع وخمسين سنة.
وكان الملك الظاهر صاحب حلب قد تزوج قبل ضيفة خاتون بأختها غازية، وتوفيت، فلما توفيت غازية تزوج بأختها ضيفة خاتون المذكورة، وكانت ضيفة خاتون قد ملكت حلب بعد وفاة ابنها الملك العزيز، وتصرفت في الملك تصرف السلاطين، وقامت بالملك أحسن قيام، وكانت مدة ملكها نحو ست سنين، ولما توفيت كان عمر ابن ابنها الملك الناصر يوسف ابن الملك العزيز نحو ثلاث عشرة سنة، فأشهد عليه أنه بلغ، وحكم واستقل بمملكة حلب، وما هو مضاف إليها، والمرجع في الأمور إلى جمال الدين إقبال الأسود الخصي الخاتوني.
ذكر وفاة المستنصر بالله وفي هذه السنة توفي المستنصر بالله أبو جعفر المنصور ابن الظاهر محمد ابن الإمام الناصر أحمد، بكرة الجمعة لعشر خلون من جمادى الآخرة، وكانت مدة خلافته سبع عشرة سنة إلا شهراً، وكان حسن السيرة، عادلاً في الرعية، وهو الذي بنى المدرسة ببغداد، المسماة بالمستنصرية على شط دجلة من الجانب الشرقي، مما يلي دار الخلافة، وجعل لها أوقافاً جليلة على أنواع البر.
[المستعصم بالله]
ولما مات المستنصر اتفقت آراء أرباب الدولة، مثل الدوادار، والشرابي، على تقليد الخلافة ولده عبد الله، ولقبوه المستعصم بالله، وهو سابع ثلاثينهم، وآخرهم، وكنيته أبو أحمد بن المستنصر بالله منصور، وكان عبد الله المستعصم ضعيف الرأي، فاستبد كبراء دولته بالأمر، وحسنوا له قطع الأجناد وجمع المال، ومداراة التتر، ففعل ذلك وقطع أكثر العساكر.
ثم دخلت سنة إحدى وأربعين وستمائة في هذه السنة قصدت التتر بلاد غياث الدين كيخسرو بن كيقباذ بن كيخسرو بن قليج أرسلان السلجوقي صاحب بلاد الروم فأرسل واستنجد بالحلبيين، فأرسلوا إليه نجدة مع ناصح الدين الفارسي، وجمع العساكر من كل جهة، والتقى مع التتر، فانهزمت عساكر الروم هزيمة قبيحة، وقتل التتر وأسروا منهم