للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أشفى على الموت، فسلم عليه وحياه، فلم يحر جواباً فأنشد عبد المسيح يقول:

أصمّ أمْ يسمع غطريف اليمن ... أمْ فاد فازلَمَ به شأو العنن

يا فاضِلَ الخطةَ أعيت مَنْ ومَنْ ... وكاشِفَ الكُربَة عن وجه الغضن

أتاكَ شيخُ الحيِّ من آل سنن ... وأمه من آل ذيب بن حجن

أبيضَ فضفاضِ الرداءِ والبدن ... رسول قيلَ العجمُ يسري بالوسن

لا يرهبُ الرعدَ ولا ريبَ الزمنْ ... تجوب في الأرض علنِدات شجن

ترفعني وجناً وتهوي بي وجن

قال: ففتح سطيح عينيه ثم قال: عبد المسيح، على جمل مشيح، أتى إِلى سطيح، وقد أوفى على الضريح، بعثك ملك بني ساسان، لارتجاس الإيوان، وخمود النيران، ورؤيا الموبذان، رأى إِبلاً صعاباً تقوم خيلاً عراباً، قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها. يا عبد المسيح إِذا كثرت التلاوة، وظهر صاحب الهراوة، وخمدت نار فارس، وفاض وادي السماوة، وغاضت بحيرة ساوة، فليس الشام لسطيح شاماً، يملك منهم ملوك وملكات، على عدد الشرفات، وكل ما هو آت آت. ثم قضى سطيح مكانه، ثم قدم عبد المسيح على كسرى وأخبره بقول سطيح، فقال: إِلى أن يملك منا أربعة عشر ملكاً كانت أمور فملك منهم عشرة في أربع سنين، وذكر في العقد أن سطيحاً كان على زمن نزار بن معد بن عدنان، وهو الذي قسم الميراث بين بني نزار وهم مضر وأخوته.

وأما شرف النبي صلى الله عليه وسلم، وشرف أهل بيته، فقد روى الحافظ البيهقي المذكور، بإِسناد يرفعه إلى العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم. قال: قلت يا رسول الله، إِن قريشاً إِذا التقوا، لقي بعضهم بعضاً بالبشاشة، وإذا لقونا، لقونا بوجوه لا نعرفها. فغضب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، عند ذلك غضباً شديداً، ثم قال: " والذي نفس محمد بيده، لا يدخل قلب رجل الإِيمان، حتى يحبكم لله ولرسوله ".

وذكر في موضع آخر عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: إِنا لقعود بفناء رسول الله صلى الله عليه وسلم، إِذ مرت به امرأة، فقال بعض القوم: هذه بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو سُفيان: مثل محمد في بني هشام مثل الريحانة في وسط النتن. فانطلقت المرأة فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء صلى الله عليه وسلم يعرف في وجهه الغضب فقال: " ما بال أقوام تبلغني عن أقوام، إِنَّ الله عز وجل خلق السموات سبعاً، فاختار العُلى منها، فأسكنها من شاء من خلقه، ثم خلق الخلق، فاختار من الخلق بني آدم، واختار من بني آدم العرب، واختار من العرب مضر، واختار من مضر قريشاً، واختار من قريش بني هاشم، واختارني من بني هاشم ".

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>