مع رجل يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، وقوله صلى الله عليه وسلم له:" أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى " وقال عليه السلام " أقضاكم علي " والقضاء يستدعي معرفة أبواب الفقه كلها، بخلاف قوله:" أفرضكم زيد "، وأقرأكم أبي، ولم يبن علي بناء أصلاً، وكان قد ضاع لعلي درع فوجده مع نصراني، فأقبل به إِلى شريح القاضي وجلس إِلى جانبه وقال: لو كان خصمي مسلماً لساويته، وقال: هذه درعي، فقال النصراني ما هي إلا درعي فقال شريح لعلي: ألك بينة؟ فقال علي لا، وهو يضحك. فأخذ النصراني الدرع ومشى يسيراً ثم عاد وقال: أشهد أن هذه أحكام الأنبياء، ثم أسلم واعترف أن الدرع سقطت من علي عند مسيره إِلى صفين، ففرح علي بإسلامه ووهبه الدرع وفرساً. وشهد مع علي قتال الخوارج، فقتل رحمه الله تعالى.
وحمل علي في ملحفته تمراً اشتراه بدرهم، فقيل له: يا أمير المؤمنين ألا نحمله عنك، فقال: أبو العيال أحق بحمله.
وكان يقسم ما في بيت المال كل جمعة، حتى لا يترك فيه شيئاً، ودخل مرة إلى بيت المال فوجد الذهب والفضة، فقال: يا صفراء اصفري ويا بيضاء ابيضي وأغري غيري، لا حاجة لي فيك.
وقصده أخوه لأبيه وأمه عقيل بن أبي طالب يسترفده، فلم يجد عنده ما يطلب، ففارقه ولحق بمعاوية حباً للدنيا، وكان مع معاوية يوم صفين، فقال له معاوية يمازحه: يا أبا يزيد أنت اليوم معنا. فقال عقيل: ويوم بدر كنت أيضاً معكم، وكان عقيل يوم بدر مع المشركين هو وعمه العباس.
أخبار الحسن ابنه ولما توفي علي رضي الله عنه بايع الناس ابنه الحسن، وكان عبد الله بن العباس قد فارق علياً قبل مقتله، وأخذ من البصرة مالاً وذهب إِلى مكة، وجرت بينه وبين علي مكاتبات في ذلك، ولما تولى الحسن الخلافة، كتب إليه ابن عباس يقوي عزيمته على جهاد عدوه، وكان أول من بايع الحسن، قيس ابن سعد بن عبادة الأنصاري، فقال: أبسط يدك على كتاب الله وسنة رسوله وقتال المخالفين، فقال الحسن: على كتاب الله وسنة رسوله، فإنهما ثابتان، وبايعه الناس، وكان الحسن يشترط أنكم سامعون مطيعون، تسالمون من سالمت وتحاربون من حاربت، فارتابوا من ذلك وقالوا: ما هذا لكم بصاحب، وما يريد إِلا القتال. ثم دخلت سنة إِحدى وأربعين.
تسليم الحسن الأمر إِلى معاوية
قيل: كان علي قبيل موته، قد بايعه أربعون ألفاً من عسكره على الموت، وأخذ في التجهز إِلى قتال معاوية، فاتفق مقتله، ولما بويع الحسن، بلغه مسير أهل الشام إِلى قتاله مع معاوية، فتجهز الحسن في ذلك الجيش، الذين كانوا قد بايعوا أباه، وسار عن الكوفة إِلى لقاء معاوية، ووصل إِلى المدائن، وجعل الحسن على مقدمته قيس بن سعد في اثني عشر ألفاً، وقيل بل الذي جعله على مقدمته عبيد الله ابن عباس، وجرى في عسكره فتنة، قيل حتى نازعوا الحسن بساطاً كان تحته، فدخل المقصورة البيضاء بالمدائن، وازداد لذلك العسكر بغضاً ومنهم ذعراً.