للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبيدة بالأمان، فبقيت بأيدي النصارى، فلما ولي الوليد بن عبد الملك الخلافة خرب الكنيسة الملاصقة للجامع، وأضافها إليه، ولم يعوض النصارى عنها، فلما ولي عمر بن عبد العزيز عوضهم بكنيسة مريم عن تلك الكنيسة، فعمروها عمارة عظيمة، وبقيت كذلك حتى خربها المسلمون في التاريخ المذكور.

[ذكر هزيمة التتر وقتل كتبغا]

وفي هذه السنة، أعني سنة ثمان وخمسين وستمائة، كانت هزيمة التتر في يوم الجمعة الخامس والعشرين من رمضان، على عين جالوت، وكان من حديثها، أنه لما اجتمعت العساكر الإسلامية بمصر، عزم الملك المظفر قطز، مملوك المعز أيبك، على الخروج إلى الشام لقتال التتر، وسار من مصر بالعساكر الإسلامية، وصحبته الملك المنصور محمد صاحب حماة، وأخوه الملك الأفضل علي، وكان مسيره من الديار المصرية في أوائل رمضان من هذه السنة، ولما بلغ كتبغا وهو نائب هولاكو على الشام، ومقدم التتر، مسير العساكر الإسلامية إليه، صحبة الملك المظفر قطز، جمع من في الشام من التتر وسار إلى لقاء المسلمين، وكان الملك السعيد صاحب الصبيبة ابن الملك العزيز ابن الملك العادل بن أيوب صحبة كتبغا، وتقارب الجمعان في الغرر، والتقوا يوم الجمعة المذكور، فانهزمت التتر هزيمة قبيحة وأخذتهم سيوف المسلمين، وقتل مقدمهم كتبغا،، واستؤسر ابنه، وتعلق من سلم من التتر برؤوس الجبال، وتبعتهم المسلمون فأفنوهم، وهرب من سلم منهم إلى الشرق، وجرد قطز ركن الدين بيبرس البندقداري في إثرهم، فتبعتهم المسلمون إلى أطراف البلاد الشرقية، وكان أيضاً في صحبة التتر الملك الأشرف موسى صاحب حمص، فنازلهم وطلب الأمان من المظفر قطز، فأمنه ووصل إليه فأكرمه وأقره على ما بيده وهو حمص، ومضافاتها، وأما الملك السعيد صاحب الصبيبة، فإنه أمسك أسيراً وأحضر بين يدي الملك المظفر قطز، فأمر به، فضربت عنقه بسبب ما كان المذكور قد اعتمده من السفك والفسق.

ولما انقضى أمر المصاف، أحسن المظفر قطز إلى الملك المنصور صاحب حماة، وأقره على حماة وبارين، وأعاد إليه المعرة، وكانت في أيدي الحلبيين من حين استولوا عليها في سنة خمس وثلاثين وستمائة، وأخذ سلمية معه وأعطاها أمير العرب، وأتم الملك المظفر السير بالعساكر وصحبته الملك المنصور صاحب حماة، حتى دخل دمشق، وتضاعف شكر المسلمين لله تعالى على هذا النصر العظيم، فإن القلوب كانت قد يئست من النصرة على التتر، لاستيلائهم على معظم بلاد الإسلام، ولأنهم ما قصدوا إقليماً إلا فتحوه، ولا عسكراً إلا هزمره، فابتهجت الرعايا بالنصرة عليهم وبقدوم الملك المظفر قطز إلى الشام، وفي يوم دخوله دمشق، أمر بشنق جماعة من المنتسبين إلى التتر، فشنقوا وكان من جملتهم حسين الكردي، طيردار الملك الناصر يوسف، وهو الذكي أوقع الملك الناصر في أيدي التتر،

<<  <  ج: ص:  >  >>